أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون أن “شبح الحرب تم إبعاده عن لبنان”، معرباً عن تفاؤله بتحسن الأوضاع، وذلك في ظل تصاعد التوترات الإقليمية. يأتي هذا التصريح بينما يناقش مراقبون قدرة الولايات المتحدة على احتواء إسرائيل ومنع تصعيد عسكري جديد على الحدود اللبنانية، وهو ما يثير تساؤلات حول مستقبل الاستقرار في المنطقة، خاصةً مع استمرار المخاوف من اندلاع حرب جديدة على لبنان.

وفي هذا السياق، استضاف برنامج المسائية على الجزيرة مباشر حلقة نقاش (25-12-2025) حول هذا الموضوع، مركزاً على دور الولايات المتحدة في كبح جماح إسرائيل، وتقييم مدى واقعية التفاؤل الرئاسي اللبناني في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المتزايدة جنوباً.

التفاؤل الرئاسي والتقييمات المتشككة حول حرب جديدة على لبنان

يرى المحلل السياسي اللبناني خليل نصر الله أن تصريح الرئيس عون بشأن ابتعاد شبح الحرب هو تصريح غير مكتمل. وأوضح أن الرئيس أشار إلى تراجع الخطر، لكنه لم يحدد الآليات التي أدت إلى ذلك. وأضاف أن هذا التفاؤل قد يستند إلى مفاوضات أو تطمينات أمريكية، لكن التجربة السابقة لا تدعو للثقة.

وأشار نصر الله إلى أن “الضمانات الأمريكية غالباً ما تكون عرضة للخلل”، مستشهداً بحادثة مجدل شمس في الجولان، حيث قدم المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين وعوداً بعدم استهداف بيروت، “لكن الضربة وقعت في الضاحية الجنوبية، متجاهلة تلك الوعود”.

وأضاف أن السلوك الإسرائيلي في لبنان يتسم بالتصعيد المستمر، مدفوعاً بعقيدة أمنية تهدف إلى “القضاء على التهديد قبل ظهوره”. وتابع أن إسرائيل هي الطرف الذي يرفع سقف المطالب، بينما يقدم لبنان تنازلات. وتساءل عن جدوى اعتبار ما يجري حالياً مجرد “تفاوض” في ظل استمرار الاعتداءات اليومية على الجنوب، قائلاً: “على ماذا يتفاوض لبنان إذا لم يكن ما يحدث حرباً؟”.

ضمانات مفقودة واستحقاقات مؤجلة في ظل التهديد بـحرب جديدة على لبنان

من جهته، قال الكاتب الصحفي اللبناني أمين قمورية إن الواقع يشير إلى سباق بين التصعيد وجهود التسوية، مؤكداً أن الولايات المتحدة تظل “اللاعب الرئيسي” في هذا الملف. وأضاف أن واشنطن وتل أبيب تتفقان على ضرورة إبعاد سلاح حزب الله عن جنوب الليطاني، لكن الخلاف يكمن في كيفية التعامل مع الوضع بعد ذلك.

وأوضح قمورية أن إسرائيل تسعى إلى استكمال المواجهة، خاصةً في ظل الأجواء الانتخابية الداخلية وهيمنة اليمين المتشدد، حيث يطغى البعد الأمني على أي اعتبار آخر. وأشار إلى أن الحكومة اللبنانية وافقت سابقاً على بعض المطالب المتعلقة بنزع السلاح، وتم التوصل إلى اتفاق لوقف العدائيات، لكن إسرائيل لم تلتزم به، واستمرت في انتهاك الاتفاق واستهداف الأراضي اللبنانية.

وأضاف أن الضمانة الوحيدة الممكنة من الجانب الأمريكي هي فهم الواقع اللبناني المعقد، مؤكداً أنه لا يمكن نزع سلاح حزب الله في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ لبنانية. وذكر أن إسرائيل تسيطر فعلياً على 23 بلدة لبنانية، رغم أنها تعترف بالسيطرة على 5 نقاط فقط، مما يعيق تنفيذ المرحلة الثانية من الترتيبات الأمنية.

حلقة مفرغة واحتمالات مفتوحة بشأن حرب جديدة على لبنان

ولفت قمورية إلى أن الطروحات المتداولة بشأن تجميد السلاح أو مراقبته تبقى مرهونة بقدرة واشنطن على إقناع إسرائيل، وبمدى استعداد حزب الله لتقديم تنازلات في ظل استمرار الاحتلال. وخلص إلى أن الملف اللبناني، مثل ملف غزة والملف الإيراني، يظل أسير التباين بين السياسات الأمريكية والإسرائيلية، متسائلاً: “هل ستؤدي هذه التباينات إلى منع حرب جديدة، أم ستنجرف المنطقة نحو مواجهة أوسع؟”.

وأكد خليل نصر الله أن التعقيد الأساسي يكمن في الموقف الإسرائيلي، مشيراً إلى أن حزب الله التزم بالقرار 1701 جنوب الليطاني، مما سهل انتشار الجيش اللبناني هناك، بينما تظل منطقة شمال الليطاني خارج نطاق أي تنفيذ. وأضاف أن إسرائيل لا تتعامل مع القرار 1701 كمرجعية، بل وفقاً لموازين القوى.

وأوضح أن آلية المراقبة الحالية منحازة لمطالب إسرائيل، حيث تنقل هذه المطالب إلى الجيش والحكومة اللبنانية. وختم بالقول إن المشهد مرشح لمزيد من التعقيد، مع احتمال منح واشنطن ضوءاً أخضر لعمل عسكري محدود، مقابل موقف معلن لحزب الله مفاده أنه “إذا فرضت حرب على لبنان فسيتصدى لها”.

من المتوقع أن تستمر الولايات المتحدة في جهودها الدبلوماسية لاحتواء التوتر، مع التركيز على منع التصعيد المباشر بين إسرائيل وحزب الله. ومع ذلك، يبقى الوضع هشاً، ويتطلب مراقبة دقيقة لتطورات الأحداث على الحدود الجنوبية للبنان، خاصةً مع اقتراب المواعيد النهائية المحتملة للانتخابات الإسرائيلية. يجب متابعة ردود الأفعال الإسرائيلية على أي تحركات لحزب الله، وتقييم مدى التزام الولايات المتحدة بضمانات الاستقرار في المنطقة.

شاركها.