أكدت مصادر أمريكية تنفيذ غارات جوية في شمال غرب نيجيريا استهدفت عناصر تابعة لتنظيم داعش. تأتي هذه العملية في إطار الجهود الدولية المستمرة لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي، وتحديداً ضد تنظيم ولاية غرب أفريقيا للدولة الإسلامية (ISWAP). وقد أشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى أن التنظيم يستهدف المجتمعات المسيحية في المنطقة.
وقعت الغارات الجوية في مناطق نائية بشمال غرب نيجيريا، وفقاً لبيانات رسمية أمريكية، دون تحديد توقيت دقيق للعملية. تهدف هذه الضربات إلى تقويض قدرات تنظيم داعش المتنامية في المنطقة، والتي تشكل تهديداً متزايداً للأمن الإقليمي والاستقرار. وتأتي هذه الخطوة بعد سلسلة من الهجمات التي نفذها التنظيم ضد المدنيين والقوات الحكومية في نيجيريا ودول الجوار.
السياق التاريخي لـ داعش في نيجيريا
تعود جذور التطرف في نيجيريا إلى أكثر من عقد من الزمان، مع ظهور جماعة بوكو حرام التي سعت إلى فرض تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية. في عام 2015، شهدت الجماعة انقساماً، حيث بايعت فصائل رئيسية تنظيم داعش، مما أدى إلى تشكيل “ولاية غرب أفريقيا للدولة الإسلامية” (ISWAP).
سرعان ما أصبح هذا الفصيل أكثر تنظيماً وقوة عسكرية من بوكو حرام، وركز هجماته على الأهداف العسكرية والحكومية، بالإضافة إلى استهداف المدنيين. وقد أدت هذه الهجمات إلى أزمة إنسانية حادة في حوض بحيرة تشاد، مع نزوح مئات الآلاف من الأشخاص وتدهور الأوضاع المعيشية.
تطور تهديد ISWAP
على مر السنين، وسع تنظيم ISWAP نطاق عملياته ليشمل دولاً مجاورة مثل النيجر وتشاد والكاميرون. وقد استغل التنظيم الفراغ الأمني والظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة في هذه المناطق لزيادة نفوذه وتجنيد مقاتلين جدد. وتشير التقارير إلى أن التنظيم يعتمد على شبكات تهريب واسعة لتمويل عملياته وشراء الأسلحة.
أهمية الغارات الجوية وتأثيرها المحتمل
تأتي الغارات الجوية الأمريكية في إطار استراتيجية أوسع للقيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (AFRICOM)، والتي تهدف إلى دعم الشركاء المحليين في مكافحة الإرهاب. وتعتبر هذه الضربات بمثابة رسالة قوية حول التزام واشنطن بمحاربة التطرف في أفريقيا.
من المتوقع أن يكون لهذه الغارات تأثير إيجابي على عدة مستويات. على الصعيد المحلي، يمكن أن تساهم في إضعاف القدرات العملياتية لتنظيم داعش في نيجيريا، مما يمنح القوات النيجيرية فرصة لاستعادة زمام المبادرة وتوفير حماية أفضل للمدنيين.
على الصعيد الإقليمي، يمكن أن تساعد في الحد من قدرة التنظيم على زعزعة استقرار المنطقة بأكملها وتعزيز جهود التعاون الأمني الإقليمي. بالإضافة إلى ذلك، تؤكد هذه الغارات أن تهديد فروع تنظيم داعش العالمية لا يزال قائماً، حتى بعد هزيمته في العراق وسوريا.
التحديات المستمرة ومكافحة التطرف
ومع ذلك، يواجه المجتمع الدولي تحديات كبيرة في مكافحة التطرف في منطقة الساحل الأفريقي. فالفقر والبطالة والتهميش السياسي والفساد كلها عوامل تساهم في انتشار التطرف. لذلك، فإن التدخل العسكري وحده لا يكفي لتحقيق استقرار دائم في المنطقة.
يتطلب الأمر أيضاً معالجة الأسباب الجذرية للتطرف من خلال برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز الحكم الرشيد، ودعم جهود المصالحة الوطنية. كما أن بناء قدرات القوات الأمنية المحلية وتعزيز التعاون الإقليمي أمران ضروريان لمواجهة هذا التهديد المتزايد.
من المتوقع أن تستمر الولايات المتحدة في تقديم الدعم العسكري والمالي لنيجيريا ودول الجوار في جهودها لمكافحة الإرهاب. في الوقت نفسه، من الضروري مراقبة تطورات الوضع الأمني في المنطقة وتقييم فعالية الاستراتيجيات المتبعة. وستكون الخطوة التالية هي تقييم الأضرار التي لحقت بالتنظيم نتيجة للغارات، وتحديد الخطوات اللازمة لضمان عدم قدرته على التعافي.






