انتهت الجلسة الأولى من محادثات اللجان الحدودية المشتركة بين تايلند وكمبوديا بشكل مفاجئ بعد وقت قصير من بدايتها، في ظل استمرار الاشتباكات الحدودية بين البلدين. وتأتي هذه التطورات بعد نحو أسبوعين من تجدد التوتر على الحدود، مما يثير مخاوف إقليمية ودولية. وتتركز الجهود الدبلوماسية حاليًا على تحقيق وقف إطلاق نار دائم وتهدئة النزاع الحدودي المتصاعد.
بدأت المحادثات في وقت مبكر من اليوم، حيث عبر مسؤولون كمبوديون الحدود مشيًا إلى الأراضي التايلندية. ومع ذلك، لم تستمر الجلسة سوى لنصف ساعة تقريبًا قبل أن تتوقف بشكل غير متوقع، بينما استمرت الاشتباكات المتبادلة بين القوات التايلندية والكمبودية في مناطق مختلفة على طول الحدود.
قصف طريق وتصعيد النزاع الحدودي
أفادت وزارة الدفاع الكمبودية بأن سلاح الجو التايلندي قصف الطريق الذي كان يسلكه الوفد الكمبودي المفاوض أثناء توجهه إلى المحادثات في محافظة تشانتبوري التايلندية. وذكرت الوزارة أن الوفد استأنف رحلته بعد توقف القصف، مشيرة إلى أن القوات التايلندية قصفت ثلاث مناطق حدودية بالمدفعية الثقيلة، مما أدى إلى إصابات في مناطق مدنية بمديريتي أوتشاي وبيبايت الحدوديتين.
وتداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي صورًا تظهر حالة من الذعر بين تلاميذ مدرسة قريبة من منطقة القصف الجوي. ووفقًا لصحيفة “خمير تايمز” الكمبودية، نفذ الجيش التايلندي أكثر من 10 غارات مدفعية على مناطق مدنية حدودية في كمبوديا يوم الثلاثاء الماضي.
تبادل الاتهامات وتصعيد عسكري
أفادت الصحيفة بأن الجيش التايلندي استهدف مدنيين وبنية تحتية في منطقة عسكرية على الجانب الكمبودي من الحدود في صباح اليوم الأربعاء. وفي المقابل، أعلنت المنطقة العسكرية الثانية في تايلند أن كمبوديا أطلقت 695 صاروخًا من طراز “بي إم21” على 98 موقعًا في أربع أقاليم، مما أدى إلى إلحاق أضرار بالمنازل والمعابد وإحدى المدارس.
وتشير التقارير إلى أن تايلند ردت على هجمات كمبوديا بضربات جوية باستخدام طائرات مسيرة، مما أدى إلى إصابة عدد من الجنود التايلنديين. هذا التصعيد العسكري يفاقم من حدة التوتر القائم ويجعل التوصل إلى حل سلمي أكثر صعوبة.
ردود الفعل الدولية وإدانات
وعلى الصعيد الدولي، أعربت الحكومة الأسترالية عن قلقها البالغ إزاء الاشتباكات المستمرة، محذرة من التصعيد السريع في كل من نطاق الصراع وشدته وتداعياته الإنسانية المتزايدة على جانبي الحدود. وأكدت أستراليا في بيان رسمي أنها تشعر بالقلق إزاء استخدام الأسلحة الثقيلة وتأثير القتال على المدنيين.
وتشهد تايلند وكمبوديا نزاعًا حدوديًا طويل الأمد على طول 817 كيلومترًا، وهو ما يمثل تحديًا مستمرًا للعلاقات الثنائية بين البلدين. وقد اندلع اشتباك محدود بين الجانبين في مايو الماضي، قبل أن يتوصل الطرفان إلى تفاهم لحل الخلاف سلميًا. ومع ذلك، تجددت الاشتباكات الحدودية في يوليو الماضي، مما أسفر عن مقتل 32 شخصًا من الطرفين.
جهود السلام السابقة
في أكتوبر الماضي، وقعت تايلند وكمبوديا اتفاق سلام في كوالالمبور، بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ومع ذلك، لم يمنع الاتفاق تجدد الاشتباكات الأخيرة، مما يشير إلى الحاجة إلى جهود دبلوماسية أكثر فعالية.
بالإضافة إلى ذلك، فشلت تايلند وكمبوديا في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) بهدف إنهاء التوتر الحدودي.
من المتوقع أن تستمر المحادثات بين اللجان الحدودية المشتركة لمدة ثلاثة أيام تقريبًا، بهدف بحث تفاصيل وقف إطلاق النار في ظل وجود شروط متبادلة من الجانبين. وإذا توصل الوفدان إلى اتفاق، فمن المقرر عقد اجتماع على مستوى الوزراء بين البلدين بعد يومين أو ثلاثة أيام للإعلان عن الاتفاق النهائي. ومع ذلك، يبقى الوضع على الأرض متقلبًا وغير مؤكد، ويتطلب مراقبة دقيقة لتطورات الأحداث.
في الختام، يظل مستقبل المفاوضات بين تايلند وكمبوديا غير واضح، مع استمرار الاشتباكات وتصاعد التوتر. ويتوقف تحقيق الاستقرار على التزام الطرفين بالحوار والبحث عن حلول سلمية تحترم سيادة كل دولة وتضمن سلامة المدنيين. ومن الضروري متابعة التطورات على الحدود وتقييم فرص التوصل إلى اتفاق دائم ينهي النزاع الحدودي بشكل نهائي.






