أثار الإغلاق الحكومي الذي استمر لأسابيع في الخريف مخاوف بشأن حالة الأمن السيبراني الفيدرالي، مما أدى إلى احتمال وجود نقاط ضعف أو فجوات في المراقبة بسبب إجازة العديد من الموظفين الحكوميين. بالإضافة إلى ذلك، ساهم هذا الإغلاق في تفاقم التراكم المتزايد بالفعل في المشاريع التقنية العالقة في مختلف الوكالات الحكومية، مما يشكل تهديدًا متزايدًا على البنية التحتية الرقمية للولايات المتحدة.
وتزامن الإغلاق مع زيادة الهجمات السيبرانية التي تستهدف المؤسسات الحكومية والخاصة على حد سواء، مما أثار تساؤلات حول مدى استعداد البلاد للتعامل مع هذه التهديدات. وكانت وكالة الميزانية في الكونجرس قد أعلنت عن تعرضها للاختراق خلال فترة الإغلاق، مما زاد من القلق بشأن احتمالية تسرب البيانات الحساسة. ووفقًا لتقارير، يشتبه في أن جهة أجنبية تقف وراء هذا الاختراق.
تأثير الإغلاق الحكومي على الأمن السيبراني الفيدرالي
يقول خبراء الأمن السيبراني إن أحد الآثار الرئيسية للإغلاق يكمن في تعطيل، وفي بعض الحالات إنهاء، العلاقات مع المقاولين الحكوميين المتخصصين. قد يضطر هؤلاء المقاولون إلى البحث عن فرص عمل أخرى لتأمين دخلهم، مما يؤدي إلى فقدان المعرفة المؤسسية القيمة التي يصعب استبدالها.
فقدان الخبرات المتخصصة
تشير أميلي كوران، وهي مستشارة في مجال الأمن السيبراني، إلى أن عدم القدرة على تجديد العقود أو إضافة خيارات جديدة خلال فترة التسوية المؤقتة التي أقرها الكونجرس، سيؤدي إلى تداعيات تمتد إلى العام المقبل وما بعده. هذا يعني تأخيرًا في تنفيذ مشاريع التحديث الأمني وتبني تقنيات جديدة.
كانت وكالة CISA (وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية) قد حذرت بالفعل من النقص في الموظفين المؤهلين في مجال الأمن السيبراني في الحكومة الفيدرالية. ويؤكد خبراء أن هذا النقص يتفاقم بسبب الإغلاق الحكومي وصعوبة جذب المواهب الجديدة، الأمر الذي يزيد من صعوبة الحفاظ على مستوى عالٍ من الحماية.
تراكم المشاريع التقنية
منذ فترة طويلة، تعاني الحكومة الفيدرالية من تأخر وتراكم في تحديث أنظمتها التقنية وتنفيذ تدابير الحماية من التهديدات السيبرانية. وفقًا لتقرير صادر عن مكتب الميزانية في الكونجرس، فإن هذا التراكم يتجاوز قدرة الموظفين الحاليين على معالجته، حتى في ظل الظروف العادية.
يوضح جيك ويليامز، خبير أمن سيبراني سابق في وكالة الأمن القومي، أن عدم القدرة على زيادة عدد العاملين في مجال الأمن السيبراني بشكل سريع بعد وقوع حادث أمني كبير يقلل من فعالية الاستجابة. فالخبرة المتراكمة لدى الموظفين القدامى ضرورية للتعامل مع الهجمات المعقدة.
ويضيف ويليامز أن فقدان الزخم في الدفاع الرقمي يمثل مصدر قلق بالغ للولايات المتحدة. ويشير إلى أن التهديدات السيبرانية تتطور باستمرار، وأن الحكومة يجب أن تبقى في الطليعة لمواجهة هذه التحديات.
لقد شهدت الحكومة الأمريكية اختراقات بيانات كبيرة على مر السنين، بما في ذلك اختراق مكتب إدارة الموظفين في عام 2015 الذي يُعتقد أن الصين تقف وراءه، والهجوم واسع النطاق الذي شنته روسيا في عام 2020 والمعروف باسم هجوم SolarWinds. تُظهر هذه الحوادث مدى ضعف الأنظمة الحكومية أمام الهجمات السيبرانية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الاعتماد المتزايد على الأنظمة الرقمية في جميع جوانب الحياة، بما في ذلك البنية التحتية الحيوية، يجعل البلاد أكثر عرضة للهجمات السيبرانية. فشل هذه الأنظمة يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد والأمن القومي.
الاستثمار في الأمن السيبراني
يؤكد الخبراء على أهمية زيادة الاستثمار في مجال الأمن السيبراني وتحديث الأنظمة الحكومية. ويشمل ذلك توفير التمويل الكافي لتدريب الموظفين الحاليين وتوظيف خبراء جدد، بالإضافة إلى تبني تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة.
كما يشددون على ضرورة تعزيز التعاون بين الوكالات الحكومية والقطاع الخاص لتبادل المعلومات والخبرات. فالتهديدات السيبرانية غالبًا ما تتجاوز الحدود الوطنية، وتتطلب استجابة منسقة.
في سياق منفصل، تشير التقارير إلى أن هناك حاجة إلى تحسين إجراءات الأمن السيبراني في سلاسل التوريد الحكومية. فالعديد من الهجمات السيبرانية تستهدف الشركات التي تقدم خدمات للحكومة، مما يسمح للمهاجمين بالوصول إلى الأنظمة الحكومية.
في الوقت الحالي، يراقب الكونجرس عن كثب تنفيذ خطط الاستجابة للهجمات السيبرانية وتقييم المخاطر المحتملة. من المتوقع أن يتم تقديم تقرير مفصل حول حالة الأمن السيبراني الفيدرالي في الأشهر القادمة. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من عدم اليقين بشأن مدى تأثير الإغلاق الحكومي على الأمن السيبراني على المدى الطويل، وما إذا كانت الحكومة ستتمكن من معالجة التحديات القائمة بشكل فعال.






