في تطور مفاجئ يعكس تصاعد التوترات الإقليمية، أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الدكتور رشاد العليمي، قراراً بإلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع دولة الإمارات العربية المتحدة. يأتي هذا القرار في خضم خلافات متزايدة حول النفوذ في جنوب اليمن، ويشكل تحولاً كبيراً في العلاقة بين الطرفين ضمن التحالف المناهض للحوثيين. هذا الإجراء يهدد بتعقيد المشهد اليمني ويزيد من المخاوف بشأن استقرار المنطقة.
القرار الرئاسي، الذي صدر اليوم (الثلاثاء)، يتضمن أيضاً توجيهات عسكرية بانسحاب القوات الإماراتية من الأراضي والمياه الإقليمية اليمنية خلال 24 ساعة. كما وجه الرئيس العليمي قوات “درع الوطن” بالسيطرة على المعسكرات والمواقع التي كانت تحت سيطرة القوات الإماراتية والفصائل الموالية لها في محافظتي حضرموت والمهرة.
خلفية التوتر واتفاقية الدفاع المشترك
تعود جذور التوتر بين الحكومة اليمنية والإمارات إلى دعم أبوظبي للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يطالب بانفصال جنوب اليمن. وقد أدى هذا الدعم إلى تقويض سلطة الحكومة المعترف بها دولياً في المحافظات الجنوبية، وتصاعدت الخلافات بشكل ملحوظ في عام 2019 مع سيطرة الانتقالي على عدن. ورغم تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في عام 2022، لم يتمكن من حل الخلافات الجوهرية بين الأطراف المختلفة.
اتفاقية الدفاع المشترك، التي تم توقيعها في وقت سابق، كانت تهدف إلى تعزيز التعاون العسكري والأمني بين اليمن والإمارات. ومع ذلك، اتهمت الحكومة اليمنية الإمارات بانتهاك سيادة اليمن من خلال دعم فصائل مسلحة خارج إطار الدولة، والتدخل في الشؤون الداخلية. هذه الاتهامات تصاعدت في الأشهر الأخيرة، مما أدى إلى القرار الحالي.
أسباب القرار وتصعيد التوترات
أشار الرئيس العليمي في تصريحات سابقة إلى أن التصعيد الذي يقوده المجلس الانتقالي في حضرموت والمهرة يهدد وحدة اليمن واستقراره. واتهم الإمارات بدعم هذا التصعيد وتقويض مؤسسات الدولة، وهو ما يمثل تغيراً ملحوظاً في لهجة الخطاب الرسمي. ويرى مراقبون أن القرار الرئاسي يهدف إلى تأكيد سيادة اليمن ومواجهة أي محاولات لتقويض سلطة الحكومة المركزية.
بالإضافة إلى ذلك، يرى البعض أن هذا القرار يأتي في سياق جهود الحكومة اليمنية لتوحيد الصفوف في مواجهة ميليشيا الحوثي، التي تسيطر على مناطق واسعة من البلاد. ويخشى اليمنيون من أن استمرار الخلافات الداخلية قد يضعف المعسكر المناهض للحوثيين ويطيل أمد الحرب.
التداعيات المحتملة لقرار الإلغاء
يحمل هذا القرار تداعيات كبيرة على المستويات المحلية والإقليمية. محلياً، قد يؤدي إلى مواجهات مسلحة بين قوات “درع الوطن” والقوات الموالية للمجلس الانتقالي في الجنوب، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني والإنساني. إقليمياً، يمثل القرار شرخاً في جدار التحالف العربي الذي تقوده السعودية، ويضع الرياض في موقف صعب بين دعم شرعية الحكومة اليمنية والحفاظ على علاقاتها مع الإمارات.
من المتوقع أن يؤثر هذا القرار على جهود السلام في اليمن، حيث قد يعيق المفاوضات بين الأطراف المتنازعة. كما قد يؤدي إلى زيادة التدخلات الخارجية في الشأن اليمني، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني. الوضع في حضرموت والمهرة، وهما محافظتان استراتيجيتان غنيتان بالنفط، يثير قلقاً خاصاً.
أكد الرئيس العليمي أن هذه الإجراءات تهدف إلى الحفاظ على أمن المواطنين، وتأكيد الالتزام بوحدة اليمن وسيادته. وشدد على أن الدولة ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة لمواجهة ميليشيا الحوثي، معتبراً أن أي محاولة لتقويض الدولة تخدم أجندة الحوثيين.
في الوقت الحالي، يترقب المراقبون رد فعل الإمارات على هذا القرار، وكيف ستتعامل السعودية مع هذا الموقف الحرج. من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة تطورات متسارعة في المشهد اليمني، مع احتمال تصعيد التوترات أو الدخول في مفاوضات جديدة. يبقى مستقبل العلاقة بين اليمن والإمارات، ومصير اتفاقية الدفاع المشترك، أمراً غير واضحاً في ظل هذه التطورات.






