فرضت الحكومة الأوغندية قيودًا جديدة على استيراد أجهزة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، بما في ذلك أجهزة “ستارلينك”، وذلك قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 15 يناير/كانون الثاني. تأتي هذه الخطوة وسط مخاوف متزايدة من المعارضة بشأن إمكانية تكرار سيناريو قطع الوصول إلى الإنترنت الذي شهدته البلاد خلال الانتخابات العامة عام 2021، مما يثير تساؤلات حول حرية الوصول إلى المعلومات في سياق العملية الديمقراطية.

يتنافس الرئيس الحالي يويري موسيفيني، الذي يحكم أوغندا منذ ما يقرب من أربعة عقود، مع المغني السابق والسياسي المعارض بوبي واين، الذي يمثل تحديًا كبيرًا له. يأتي ذلك في ظل اتهامات سابقة بالتزوير الانتخابي، والتي رفضها الرئيس موسيفيني، مما يزيد من التوتر السياسي قبل الانتخابات القادمة.

قيود “ستارلينك” وتداعياتها على الوصول إلى الإنترنت في أوغندا

ظهرت القيود الجديدة في مذكرة سرية صادرة عن هيئة الضرائب الأوغندية بتاريخ 19 ديسمبر/كانون الأول، وانتشرت بسرعة على منصات التواصل الاجتماعي قبل أن تؤكد الهيئة صحتها. تنص المذكرة على ضرورة الحصول على موافقة مسبقة من قائد الجيش، الجنرال موهوزي كاينيروغابا، نجل الرئيس موسيفيني، لأي واردات من “أجهزة ستارلينك والتجهيزات المرتبطة بها”.

حاولت هيئة الضرائب التخفيف من حدة ردود الفعل، مشيرة إلى أن العديد من الدول تفرض ضوابط على استيراد تقنيات الاتصالات. وأضافت أن شركة “ستارلينك” لم تحصل بعد على ترخيص رسمي للعمل داخل أوغندا، وأن بعض المواطنين قاموا باستيراد واستخدام الأجهزة بشكل غير قانوني. ومع ذلك، يرى مراقبون أن توقيت القرار يشير إلى دوافع سياسية.

ردود فعل المعارضة والمجتمع المدني

انتقد المعارض بوبي واين القيود بشدة، واصفًا إياها بأنها “سخيفة” وموجهة لتقويض العملية الانتخابية. وتساءل في منشور على منصة “إكس” عن سبب خشية الحكومة من وصول المواطنين إلى الإنترنت خلال الانتخابات إذا لم تكن لديها أي نية للتلاعب بالنتائج. هذا التصريح يعكس قلق المعارضة من إمكانية استخدام الحكومة للقيود للحد من انتشار المعلومات وتقييد حرية التعبير.

أعربت منظمات المجتمع المدني عن قلقها العميق بشأن هذه القيود، محذرة من أنها قد تؤثر سلبًا على قدرة الناخبين على الوصول إلى المعلومات المستقلة ومراقبة الانتخابات. كما أشارت إلى أن هذه الخطوة تتعارض مع الحقوق الأساسية للمواطنين في حرية التعبير والوصول إلى المعلومات، والتي يكفلها الدستور الأوغندي.

تعتبر “ستارلينك” من الشركات الرائدة في مجال توفير خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، وتقدم تغطية في المناطق النائية والمحرومة من خدمات الاتصالات التقليدية. وقد اكتسبت الشركة شعبية متزايدة في أوغندا، حيث استخدمها العديد من المواطنين للوصول إلى الإنترنت وتجاوز القيود المفروضة على خدمات الاتصالات الأخرى. الوصول إلى الإنترنت أصبح قضية رئيسية في أوغندا، خاصة مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا في مختلف جوانب الحياة.

بالإضافة إلى ذلك، يثير القرار تساؤلات حول مستقبل الاستثمار في قطاع الاتصالات في أوغندا. قد يؤدي فرض قيود تعسفية على استيراد التكنولوجيا إلى تثبيط المستثمرين الأجانب وتقويض جهود تطوير البنية التحتية للاتصالات في البلاد. الاستثمار في قطاع الاتصالات ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أوغندا.

من الجدير بالذكر أن أوغندا شهدت بالفعل حالات قطع للإنترنت خلال الانتخابات السابقة، مما أثار انتقادات واسعة من قبل المنظمات الدولية والمحلية. وقد أدى ذلك إلى تقويض قدرة المواطنين على التواصل ومشاركة المعلومات، مما أثر سلبًا على شفافية العملية الانتخابية. تكرار هذا السيناريو قد يزيد من التشكيك في نزاهة الانتخابات القادمة.

في سياق متصل، تشهد أوغندا حملة اعتقالات تستهدف أنصار المعارضة، مما يزيد من المخاوف بشأن المناخ السياسي العام قبل الانتخابات. وتتهم الحكومة المعارضة بالتحريض على العنف وزعزعة الاستقرار، وهو ما تنفيه المعارضة بشدة. هذه الاعتقالات تزيد من التوتر السياسي وتؤثر على حرية التعبير والتجمع.

من المتوقع أن تصدر هيئة الضرائب الأوغندية توضيحات إضافية بشأن القيود المفروضة على استيراد أجهزة “ستارلينك” في الأيام القادمة. كما من المتوقع أن تتصاعد ردود الفعل من قبل المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، مما قد يدفع الحكومة إلى إعادة النظر في قرارها. سيكون من المهم مراقبة التطورات السياسية والقانونية المتعلقة بهذا الموضوع، وتقييم تأثيرها على حرية الوصول إلى المعلومات والعملية الانتخابية في أوغندا.

شاركها.