رفعت وكالة “إس آند بي غلوبال ريتنغز” تصنيفها السيادي للكويت إلى ‎’AA-/A-1+’‎، وهو ما يعكس تحسناً ملحوظاً في الوضع المالي والاقتصادي للبلاد. يأتي هذا الترقيع بعد فترة من الترقب، مدفوعاً بالتقدم في تنفيذ إصلاحات مالية واقتصادية شاملة، وأيضاً إقرار قانون جديد يسمح للحكومة بالاقتراض. وتهدف هذه التطورات إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، وهو التحدي الرئيسي الذي تواجهه الكويت.

أعلنت الوكالة عن هذا القرار يوم السبت، مع إبقاء النظرة المستقبلية عند “مستقرة”. يأتي هذا الترقيع في ظل سعي الكويت لتعزيز استدامتها المالية وتنويع اقتصادها، وهو ما يلقى استحساناً من قبل المؤسسات الدولية المتخصصة في تقييم المخاطر الائتمانية. ويعتبر هذا الإجراء بمثابة إشارة ثقة في قدرة الكويت على إدارة شؤونها المالية والاقتصادية على المدى الطويل.

ترقية التصنيف السيادي للكويت: خطوة نحو التنويع الاقتصادي

يعزى هذا الترقيع بشكل أساسي إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الكويتية لتنويع مصادر الإيرادات وتحسين إدارة المالية العامة. وتتضمن هذه الإجراءات إقرار قانون يسمح للحكومة بالاقتراض، وهو ما لم يكن متاحاً لها منذ فترة طويلة. بالإضافة إلى ذلك، تتوقع الوكالة استمرار هذه الإصلاحات في المستقبل القريب.

قانون الاستدانة وتبعاته الإيجابية

في مارس الماضي، صدر مرسوم بقانون يسمح للكويت بإصدار ديون دولية بحد أقصى 30 مليار دينار كويتي. ووفقاً للوكالة، فإن هذا القانون ساهم في “تنويع ملف التمويل الحكومي وتقليل حالة عدم اليقين بشأن ترتيبات التمويل”. يسمح القانون أيضاً بإصدار أدوات مالية بآجال استحقاق طويلة تصل إلى 50 عاماً، مما يوفر للحكومة مرونة أكبر في إدارة ديونها.

وقد نجحت الكويت بالفعل في جمع 11.25 مليار دولار من خلال أول طرح لسندات دولية لها منذ ثماني سنوات في سبتمبر الماضي. ووفقاً لتقارير، فقد تجاوز الطلب على هذه السندات 23.7 مليار دولار، مما يدل على ثقة المستثمرين في الاقتصاد الكويتي. ويشير هذا النجاح إلى أن قانون الاستدانة الجديد قد فتح آفاقاً جديدة لتمويل المشاريع الحكومية.

إصلاحات مالية مستمرة لتعزيز الاستدامة

تتوقع وكالة “إس آند بي” أن تواصل الحكومة الكويتية العمل على خطة تمويل متوسطة الأجل تهدف إلى توسيع مصادر الإيرادات غير النفطية. وتشمل الإصلاحات المالية الرئيسية قيد التنفيذ العمل على تطبيق ضريبة الاستهلاك، وإعادة تسعير الخدمات الحكومية وإيجارات الأراضي، وترشيد الدعم، وتحسين إجراءات المشتريات الحكومية. وتهدف هذه الإصلاحات إلى زيادة الإيرادات الحكومية وتقليل الإنفاق غير الضروري.

وحسب الوكالة، فإن هذه الجهود تساهم في تقليل المخاطر المرتبطة بالاعتماد الاقتصادي على قطاع الهيدروكربونات وتقلبات أسعار النفط. وستساعد أيضاً في تخفيف الضغوط على المالية العامة، وتعزيز الاستدامة المالية على المدى الطويل. الاستقرار المالي هو عنصر أساسي لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهو ما تسعى إليه الكويت.

تؤكد الوكالة أن قوة الميزانية العمومية الكويتية، المدعومة بمخزون كبير من الأصول المالية الحكومية، تلعب دوراً حاسماً في هذا التقييم الإيجابي. وتعتبر هذه الأصول بمثابة وسادة مالية تحمي البلاد من الصدمات الاقتصادية الخارجية، وتعزز قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية. كما أن التزام الكويت بصندوق الأجيال القادمة يعتبر عاملاً إيجابياً يساهم في تعزيز الاستدامة المالية.

الاستثمار الأجنبي المباشر هو أحد الأهداف الرئيسية لحكومة الكويت في إطار خطط التنويع الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، تعمل الحكومة على تحسين بيئة الأعمال وتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في التنمية الاقتصادية.

تعتبر هذه الترقية بمثابة تطور إيجابي للاقتصاد الكويتي، ومن المتوقع أن تسهم في خفض تكلفة الاقتراض وتحسين الثقة في البلاد. التقييم الائتماني يؤثر بشكل مباشر على قدرة الكويت على جذب الاستثمارات الأجنبية، ويعكس نظرة المستثمرين إلى المخاطر المرتبطة بالاستثمار في البلاد.

من المتوقع أن تواصل وكالة “إس آند بي غلوبال ريتنغز” مراقبة التطورات الاقتصادية والمالية في الكويت بشكل دقيق. وستعتمد التطورات المستقبلية في التصنيف على قدرة الحكومة على تنفيذ خطط الإصلاح الاقتصادي بنجاح، وتحقيق أهدافها المتعلقة بتنويع مصادر الدخل والاستدامة المالية. وسيكون من المهم ملاحظة مسار تنفيذ ضريبة القيمة المضافة المتوقعة، وأي تغييرات في أسعار النفط العالمية، وتقييم أثرها على الميزانية العامة.

شاركها.