توقع بنك “إتش إس بي سي” (HSBC) أن تُشكل صفقات النفط والغاز حصة أقل في محفظته لتمويل قطاع الطاقة، إذ يبدو أن الطاقة المتجددة هي مصدر الطاقة المفضل لتغذية مراكز البيانات المشغلة للذكاء الاصطناعي.

أوضح جوليان وينتزل، كبير مسؤولي الاستدامة لدى البنك البريطاني، خلال مقابلة أن تمويلات الوقود الأحفوري سترتفع من حيث المطلق، لكنها “ستنخفض بشكل كبير” قياساً إلى إجمالي رأس المال الذي يخصصه البنك لقطاع الطاقة. وأرجع ذلك إلى “دخول أنظمة جديدة للطاقة مرحلة التشغيل” تدريجياً مع مرور الوقت.

الذكاء الاصطناعي يوجه البنوك

هذه التصريحات هي أحدث ما يوضح كيف أن شره الذكاء الاصطناعي المتزايد للطاقة يعيد تشكيل توجهات البنوك ومديري الأصول في تخصيص رأس المال. وبينما تدعم مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي انتعاش قطاع الطاقة النظيفة، فهي تغذي في الوقت ذاته الطلب على النفط والغاز وحتى الفحم، ما يزيد في نهاية المطاف صعوبة كبح انبعاثات الكربون.

اقرأ أيضاً: طفرة تشييد البنى التحتية للذكاء الاصطناعي مصيرها التراجع.. تفاصيل أكثر هنا

على هذه الخلفية، أعلن “إتش إس بي سي” عن أهداف أقل طموحاً لتقليص البصمة الكربونية لتمويلاته. فبدلاً من خفض الانبعاثات الكربونية من المشاريع التي يمولها بنسبة 34% بحلول 2030، بات البنك يستهدف تقليصها بنسبة تتراوح بين 14% و30% فقط بنهاية العقد، مُقارنةً مع مستواها عام 2019.

كشف البنك عن الأهداف المعدلة في نسخة محدثة من “خطة التحول” التي نشرها اليوم. وبدلاً من مواءمة محفظته ذات الانبعاثات العالية مع مسارٍ للانبعاثات المستقبلية يحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، أصبح البنك يعمل ضمن نطاق مستهدف حده الأعلى 1.7 درجة مئوية. 

ووفقاً لأحدث تقارير “برنامج الأمم المتحدة للبيئة”، يتجه العالم حالياً صوب ارتفاع في درجات الحرارة بمقدار 2.8 درجة مئوية بافتراض تنفيذ السياسات المناخية الحالية.

أهداف المناخ في خطر

قال “إتش إس بي سي” إن أهدافه المناخية الأقل طموحاً تعكس “واقع عملية التحول التي تمضي بشكل متباين في مختلف الاقتصادات العالمية” وأكد أن هذا التوجه يهدف إلى ضمان “قدرة البنك على التكيف مع السياق العالمي الذي يعمل فيه عملاؤه”.

طالع المزيد: 2025 عام لا يبعث على التفاؤل مناخياً

أضاف وينتزل أن تجاهل حقيقة أن العالم ابتعد كثيراً عن مسار أهداف الأمم المتحدة المناخية سيكون “مضللاً”. 

وينتزل، الذي تولى منصبه الحالي في فبراير الماضي بعد أن أشرف على أنشطة “إتش إس بي سي” المصرفية العالمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، أوضح أن تقييد تمويل الوقود الأحفوري “ليس مطروحاً على جدول الأعمال”.

وتابع قائلاً: “يجب أن نعترف جميعاً بأن فرض الحظر أو تجاهل واقع البيئات التي نخدمها والتحديات التي نواجهها في منظومة الطاقة لا يخدم عملية التحول. سحب رأس المال من قطاع النفط والغاز لا يدعم التحول، لأننا إذا كنا نسعى للتحول، فنحن نريد أن نكون طرفاً فيه ونسهم في دعمه”.

أكد البنك أن أهدافه الجديدة المتعلقة بالانبعاثات من تمويلاته لا تزال منسجمة مع أهداف “اتفاقية باريس” للمناخ، لكنها “تأخذ في الاعتبار أوجه عدم اليقين التي ستؤثر على وتيرة إزالة الكربون في مختلف القطاعات”.

الطاقة المتجددة تستفيد من الطلب 

أشار وينتزل إلى أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى زيادة إمدادات جميع مصادر الطاقة، لكن الطاقة المتجددة تبدو في موقعٍ أفضل للاستفادة في نهاية المطاف.

ورأى أن الذكاء الاصطناعي يُمثل “محفزاً هائلاً” للطاقة منخفضة الكربون. وأضاف: “إنه حافز كبير لعملية التحول، لكن بناء القدرة الأساسية لتلبية متطلبات الطاقة يستغرق وقتاً طويلاً جداً، لذا سيتعين أن يأتي الجزء الأكبر من مصادر الطاقة المتجددة”. قال إن نظام الطاقة الجديد الناتج سيكون “منحازاً بطريقة إيجابية نحو تحقيق نتائج مستدامة للغاية”.

هل تستطيع الدول الأكثر تلويثاً خفض انبعاثاتها؟ الإجابة هنا

تشير توقعات “بلومبرغ إن إي إف” إلى أن الطلب على الكهرباء المرتبط بالذكاء الاصطناعي سيتضاعف أربع مرات خلال عقد، إذ من المرجح أن تستهلك مراكز البيانات نحو 1600 تيراواط/ساعة بحلول 2035، أي ما يعادل نحو 4.4% من إجمالي استهلاك الكهرباء عالمياً.

ستُؤدي الطاقة المتجددة دوراً رئيسياً في تلبية هذا الطلب المتزايد، رغم أن الوقود الأحفوري، لا سيما الغاز، سيبقى جزءاً كبيراً من المزيج، ما سيؤدي إلى زيادة الانبعاثات في نفس الوقت.

شاركها.