تقارير زيارات المملكة
وكانت بعثة هاري سنت جون فيلبي وجاكوب ريكمنز وفيليب ليبنز، لها جولاتها في انحاء المملكة العربية السعودية فانتقلت من جدة حتى نجران ثم عادت من نجران إلى الرياض فجدة واستطاعت الوقوف على مواقع أثرية عديدة من أهمها جبل مأسل في الدوادمي، وقرية الفاو في محافظة وادي الدواسر، والأخدود ومواقع نقوش عديدة في منطقة نجران.
نسخت هذه البعثة عدداً كبيراً من النقوش والكتابات القديمة والرسوم الصخرية، كما نتج عن عملها عددٌ من المقالات والكتب.
مواقع متنوعة في السعودية
كما سجلت رحلات هاري سنت جون فيلبي زيارات إلى عدد كبير من المواقع في مختلف أنحاء المملكة العربية السعودية مما قاد إلى الكتابة والنشر عن عشرات المواقع الأثرية، والتعْرِيف بها في المجتمعات الأكاديمية العالمية؛ ولعل من أشهر المواقع التي عرّف بها فيلبي قُريِّة، وجبل غنيم، والخبو الشرقي، والخبو الغربي، وغيران الحمام في منطقة تبوك؛ وقرية الفاو، وموقع السيح، وجبل مأسل في الدوادمي؛ ومواقع عديدة في أرض مدين.
ومكنته رحلته عبر الربع الخالي من الوقوف على الكثير من المواقع القديمة التي ضمنها في كتابه «الربع الخالي». كما قادت أعمال هنري فيلد في شمال وشمال شرق المملكة العربية السعودية إلى تقديم قائمة بمواقع عديدة تُؤرخ بالعصور الحجرية، ونشر عدد من المقالات في مجلات عالمية مثل مجلة “Man“.
معاهدة ميناء العقير
ففي عام 1334هـ/1915م اتجه الملك عبدالعزيز إلى العقير حيث عقد – رحمه الله – في مينائه مع السير بيرسي كوكس ممثل الحكومة الإنجليزية معاهدة العقير الشهيرة بتاريخ 18 صفر 1334هـ الموافق 26 ديسمبر 1915م. كما قرر الملك عبدالعزيز أن يكون ميناء العقير مكانا للاجتماع بالمندوبين الإنجليز لمناقشة الحدود بين نجد وشرقي الأردن والعراق ، ونتج عن ذلك توقيع ما يسمى ببروتوكول العقير عام 1341هـ/1922م.
استمرت أهمية العقير بوصفه ميناءً، إذ ازدهر في بداية الدولة السعودية إلى قرابة سنة 1365هـ/1945م، ومع تحول الطرق التجارية بعد اكتشاف النفط في بقيق والظهران تراجعت أهمية العقير لوجود طرق حديثة معبدة، وبناء عدد من الموانئ الحديثة قريبة من منابع النفط والأسواق التجارية في المنطقة الشرقية.
الشواهد الأثرية في العقير
وتدل المواقع والشواهد الأثرية المكتشفة في المنطقة على ما كانت تلعبه العقير من دور مهم في التاريخ القديم، وقد عرضت معثورات من مواقع العقير والجرهاء ترجع إلى عصر الجرهاء في الفترة من 500 إلى 400 قبل الميلاد، إضافة إلى عرض خرائط تبين الطرق التجارية البرية والبحرية في الجزيرة العربية وما حولها.
ويحكي بيت الملا “البيعة” قصة تاريخ مجيد للأحساء ففيه بايع أهالي الأحساء الملك عبد العزيز -رحمه الله- في عام 1331هـ ، وهو من أشهر المعالم التي شهدت أبرز الأحداث قبل وأثناء توحيد المملكة العربية السعودية.
بيت البيعة
مضيف ثليم
يمثل مضيف ثليم الذي كان محطة توقف رئيسة على مشارف مدينة الرياض للمسافرين الذين يقصدون العاصمة السعودية للقاء الملك عبد العزيز، مرحلة مهمة من مراحل الاستقرار السياسي لدولة المؤسس، حيث أقيم لهذا القصر إدارة كاملة تتولى مهام الضيافة واستقبال جميع القادمين للقائه، فكان لـ”المضيف” جوانب إدارية ودور اجتماعي، إلى جانب دوره في التحول الإداري من المجتمع التقليدي إلى الحديث.
ومضيف ثليم من جملة أوقاف اشتراها الملك عبد العزيز وأوقفها لوالده الإمام عبد الرحمن برًا ووفاءً له، والذي ظل مقرًا للضيافة في عهد الملك عبد العزيز، ثم في عهد الملك سعود، واستمر على وتيرة أقل في الوقت الحاضر.
أهمية الوثائق التاريخية
وتعتبر الوثائق التي وجدت في القصر توثيقًا تاريخيًا مهمًا لسياسية الملك عبد العزيز ومنهجه في معالجة آثار الفقر، ومواجهة الأوضاع الاقتصادية، ورصدًا للتاريخ الاجتماعي والاقتصادي والحضاري في السعودية، وكذلك تجسيدًا لدور مضيف ثليم في التطور الاجتماعي والتحول من العمل الفردي إلى العمل المؤسسي.
كما تقدم هذه الوثائق معلومات تاريخية مهمة لزمن يعود لعشرات العقود، وقد أظهرت أسماء أمراء المناطق والوزراء والمسؤولين الحكوميين والموظفين وأصحاب المهن والأطباء وغيرهم ووظائف كل منهم، وقد ظهرت في وثائق القصر من خلال توقيعاتهم أو الأوامر التي صدرت إليهم أو منهم أو حصولهم على الأعطيات السنوية أو المصروف اليومي من قصر ثليم، وهو ما يعد رصدًا دقيقًا للتطور الإداري في السعودية في فترة التأسيس والبناء، كما ترصد وثائق ثليم زوار السعودية من الخارج في تلك الفترة، وتعطي تفاصيل مهمة تتعلق بتاريخ وصولهم وإقامتهم ومرافقيهم وتاريخ سفرهم، كما ترصد أوامر الإسكان والمصروفات، والعلاقات الأسرية، والمصاهرات، وتفاصيل لمن صدرت لهم الأوامر بالإسكان أو المصروفات.