احصل على ملخص المحرر مجانًا

الكاتب هو نائب رئيس مؤسسة أبحاث الزهايمر في المملكة المتحدة

خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الوراء. لقد طغى على لحظة تاريخية ــ موافقة هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية في المملكة المتحدة على عقار ليكانيماب، وهو علاج لمرض الزهايمر المبكر ــ قرار أولي مخيب للآمال اتخذه المعهد الوطني للتميز في الرعاية الصحية بعدم إتاحة هذا العلاج على هيئة الخدمات الصحية الوطنية.

في أوائل تسعينيات القرن العشرين، عندما اقترح فريقي لأول مرة أن مرض الزهايمر ينجم عن تراكم بروتينات الأميلويد في الدماغ، كانت الفكرة بعيدة كل البعد عن القبول العالمي. ويؤكد نجاح ليكانيماب في التجارب على أهمية هذه النظرية، لأنه يستهدف الأميلويد بشكل مباشر، ويزيله من الدماغ.

إن عقار ليكانيماب هو الأول من جيل جديد من العقاقير التي تستهدف عملية مرض الزهايمر الكامنة، بدلاً من مجرد معالجة أعراضه. وقد تمت الموافقة عليه بالفعل في دول مثل الولايات المتحدة واليابان. وهذا إنجاز هائل، ولكنه مجرد البداية. إن عقار ليكانيماب له فوائد متواضعة ــ إبطاء التدهور بما يتراوح بين أربعة وستة أشهر ــ إلى جانب الآثار الجانبية التي تتطلب مراقبة دقيقة وتكاليف باهظة. ومع ذلك، فإننا نشهد الآن الجيل الثاني من العقاقير التي تستهدف الأميلويد والتي تبدو أكثر فعالية، مع آثار جانبية أقل.

ولن يكون هناك حل سحري واحد لمرض الزهايمر. ففي السرطان وفيروس نقص المناعة البشرية، جاء النجاح من العلاجات المركبة التي تستهدف عمليات مرضية مختلفة. ومن المرجح أن ينطبق نفس الشيء على مرض الزهايمر. فإلى جانب إزالة الأميلويد، نحتاج إلى علاجات قادرة على حماية خلايا المخ من التلف، وعلاجات أخرى لاستعادة وظائف المخ المفقودة. وأملي أن نتمكن من التوصل إلى تركيبات تتناسب مع نوع الخرف الذي يعاني منه الشخص، والمرحلة التي وصل إليها المرض.

ولكن هذا لا يبدو بعيداً كثيراً. فبالنسبة لمرض الزهايمر ــ السبب الأكثر شيوعاً للخرف ــ هناك أكثر من 120 علاجاً تجريبياً يجري اختبارها بدقة في أكثر من 160 تجربة سريرية. ولا تستهدف سوى 18% منها الأميلويد، وهو ما يُظهِر مدى السرعة التي يتقدم بها هذا المجال. والسؤال هنا ليس ما إذا كنا سنتوصل إلى علاجات أكثر فعالية، بل متى.

إن العامل الحاسم في تقدم هذه العلاجات الجديدة هو العمل الجاري الذي تقوم به مبادرات مثل معهد أبحاث الخرف في المملكة المتحدة وتحالف اكتشاف الأدوية التابع لمؤسسة أبحاث الزهايمر في المملكة المتحدة، والذي تعاون بمفرده مع منظمات في 13 دولة مختلفة. وتعتبر هذه الشراكات العالمية بالغة الأهمية لضمان إمكانية ترجمة الاكتشافات العلمية الواعدة إلى علاجات فعالة في أسرع وقت ممكن.

ولكن العمل الذي يقوم به أفراد المجتمع العلمي، والأشخاص الذين يعانون من الخرف، وأسرهم، وهذه المنظمات، لن يكون له أي قيمة إذا لم تتمكن أنظمة الرعاية الصحية من توفير إمكانية الوصول إلى العلاجات الجديدة فور ظهورها. وكان الافتقار إلى الاستعداد لطرح علاجات جديدة في المملكة المتحدة واضحاً منذ بعض الوقت.

إن هيئة الخدمات الصحية الوطنية، والمعهد الوطني للصحة والرعاية الاجتماعية، وبيوجين، وإيساي، وهي الشركات الصيدلانية التي تقف وراء عقار ليكانيماب، بحاجة ماسة إلى العمل معًا. ويتعين عليها إيجاد حلول لضمان عدم حرمان الأشخاص من هذه الفرصة إذا كانوا مؤهلين للحصول على هذا العلاج ــ والذي اعتُبر، بكل وضوح، آمنًا وفعالًا بدرجة كافية لمنحه ترخيص وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية. ونأمل أن يعكس القرار القادم من اتحاد الأدوية الاسكتلندي هذا الأمر ويسمح لمن يعيشون في اسكتلندا بالحصول عليه.

إننا على أعتاب حقبة جديدة في علاج مرض الزهايمر. ولكن من أجل الوصول إلى هذه المرحلة، يتعين على الحكومات والمؤسسات الأكاديمية والجمعيات الخيرية وشركات الأدوية والمجتمع ككل أن تستمر في الاستثمار في الأبحاث، ودعم مبادرات اكتشاف الأدوية العالمية، والتأكد من وصول العلاجات الجديدة الفعّالة إلى كل من قد يستفيد منها.

إذا استمر الاستثمار والتعاون، فسيكون هناك مستقبل حيث لم يعد هذا المرض المدمر حكماً بالإعدام، بل حالة يمكن إدارتها، وفي نهاية المطاف علاجها.

شاركها.