أظهرت الهيئة العامة للإحصاء اليوم، الاثنين، ارتفاعًا طفيفًا في معدل البطالة في المملكة العربية السعودية ليصل إلى 3.4% في الربع الثالث من عام 2025. يمثل هذا الارتفاع زيادة قدرها 0.2 نقطة مئوية مقارنة بالربع الثاني من نفس العام، ولكنه يظل أقل بمقدار 0.3 نقطة مئوية من الربع الثالث من عام 2024. يأتي هذا الإعلان في ظل متابعة دقيقة لأداء سوق العمل السعودي وتأثيراته على النمو الاقتصادي.
أصدرت الهيئة العامة للإحصاء هذا التقرير من الرياض، معززةً بذلك جهودها المستمرة في توفير بيانات دقيقة وموثوقة حول القوى العاملة في المملكة. تعتبر هذه الأرقام مؤشرًا رئيسيًا على صحة الاقتصاد السعودي وقدرته على توفير فرص عمل للمواطنين والمقيمين. وتشير البيانات إلى تغيرات طفيفة في ديناميكيات التوظيف خلال الأشهر الأخيرة.
تحليل مفصل لـ معدل البطالة في المملكة
يعكس الارتفاع الطفيف في معدل البطالة عدة عوامل محتملة، بما في ذلك التغيرات الموسمية في بعض القطاعات، وزيادة المشاركة في القوى العاملة، وربما تباطؤ طفيف في وتيرة النمو الاقتصادي. ومع ذلك، يظل المعدل الإجمالي منخفضًا تاريخيًا، مما يشير إلى استمرار قوة سوق العمل السعودي.
توزيع البطالة حسب الجنس
أظهرت البيانات تفاوتاً في معدل البطالة بين الجنسين. سجل معدل البطالة بين السعوديين الذكور 2.8%، بينما بلغ بين الإناث 7.2%. يعزى هذا الفارق إلى عوامل ثقافية واجتماعية، بالإضافة إلى الاختلافات في مجالات التعليم والتدريب المهني.
توزيع البطالة حسب الفئة العمرية
تتركز أغلب حالات البطالة بين الفئة العمرية 15-24 عامًا، حيث بلغ معدل البطالة لهذه الفئة 14.5%. يعكس هذا التحدي أهمية برامج التدريب والتأهيل التي تستهدف الشباب السعودي، بهدف تزويدهم بالمهارات اللازمة لسوق العمل.
بالإضافة إلى ذلك، تشير البيانات إلى أن قطاعات مثل البناء والتشييد قد شهدت بعض التباطؤ في التوظيف، بينما استمرت قطاعات أخرى مثل الخدمات والقطاع الخاص في خلق فرص عمل جديدة.
سوق العمل السعودي يشهد تحولات مستمرة، مدفوعة برؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط. تتضمن هذه الرؤية مبادرات لتعزيز ريادة الأعمال، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتطوير المهارات الرقمية للقوى العاملة.
من ناحية أخرى، يراقب خبراء الاقتصاد عن كثب تأثير الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة على توظيف الشباب. وتشير بعض التقديرات إلى أن هذه الإصلاحات قد تؤدي إلى خلق المزيد من فرص العمل على المدى الطويل، ولكنها قد تتطلب أيضًا إعادة تدريب وتأهيل القوى العاملة الحالية.
النمو الاقتصادي في المملكة العربية السعودية لا يزال يعتمد بشكل كبير على أسعار النفط، ولكن الحكومة تسعى جاهدة لتنويع مصادر الدخل وتقليل هذا الاعتماد. وتشمل هذه الجهود تطوير قطاعات السياحة والصناعة والتكنولوجيا، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
في المقابل، يرى بعض المحللين أن الارتفاع الطفيف في معدل البطالة قد يكون مؤقتًا، وأنه من المتوقع أن يتحسن الوضع مع استمرار تنفيذ رؤية المملكة 2030. ويرجعون ذلك إلى زيادة الإنفاق الحكومي على المشاريع التنموية، وتحسن مناخ الاستثمار، وزيادة الثقة في الاقتصاد السعودي.
ومع ذلك، لا يزال هناك بعض التحديات التي تواجه سوق العمل السعودي، مثل نقص المهارات المطلوبة في بعض القطاعات، وارتفاع تكلفة التوظيف، وصعوبة الحصول على التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة.
تؤكد الهيئة العامة للإحصاء على أهمية مواصلة جهود جمع وتحليل البيانات المتعلقة بالقوى العاملة، بهدف توفير معلومات دقيقة وموثوقة لصناع القرار والباحثين.
من المتوقع أن تصدر الهيئة العامة للإحصاء تقريرًا جديدًا عن القوى العاملة في الربع الأول من عام 2026 في موعد أقصاه نهاية شهر أبريل. سيقدم هذا التقرير تحديثًا شاملاً لأحدث التطورات في سوق العمل السعودي، مع التركيز على تأثير العوامل الاقتصادية والاجتماعية المختلفة. وستراقب الجهات المعنية عن كثب هذه البيانات لتقييم فعالية السياسات الحالية وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين.






