شهدت حركة الطيران في أوروبا فوضى عارمة خلال الساعات الماضية، مما أدى إلى إلغاء وتأخير مئات الرحلات الجوية وتسبب في تقطع السبل بآلاف المسافرين. وتأثرت المطارات الرئيسية في عدة دول، بما في ذلك بلجيكا وإسبانيا وفرنسا وفنلندا، في ظل أزمة تشغيلية واسعة النطاق. وتعتبر أزمة الطيران الأوروبي هذه نتيجة لتراكم تحديات تواجه القطاع، خاصة بعد جائحة كوفيد-19.

بدأت الاضطرابات تتصاعد في وقت مبكر من اليوم، مع تقارير أولية تشير إلى إلغاء ما لا يقل عن 32 رحلة وتأخير أكثر من 402 رحلة أخرى. وشملت المطارات المتأثرة بشكل كبير مطار إسطنبول صبيحة كوكجن، ومدريد باراخاس، وباريس شارل ديغول، وهلسنكي فانتا، بالإضافة إلى مراكز السفر الدولية الأخرى. وقد أدى ذلك إلى ازدحام شديد في صالات المغادرة والوصول، وتأخيرات طويلة الأمد للمسافرين.

خلفية أزمة الطيران الأوروبي: أسباب وتحديات

لا يمثل هذا التعطيل حدثًا منعزلاً، بل هو تتويج لسلسلة من المشكلات التي تواجه قطاع الطيران منذ بداية جائحة كوفيد-19. فبعد قيام شركات الطيران والمطارات بتخفيض كبير في عدد الموظفين خلال فترة الإغلاق، واجهت صعوبات جمة في إعادة التوظيف والتدريب بوتيرة كافية لمواكبة الزيادة المفاجئة في الطلب على السفر. هذا النقص في الأيدي العاملة، الذي يشمل موظفي الخدمات الأرضية وأفراد الأمن والأطقم الجوية، أضعف قدرة النظام على التعامل مع الضغوط.

تأثير نقص الموظفين

وفقًا لتقارير صادر عن اتحاد شركات الطيران الأوروبية، فإن النقص في الموظفين يمثل التحدي الأكبر الذي يواجه القطاع حاليًا. ويؤدي هذا النقص إلى تأخيرات في معالجة الأمتعة، وتفتيش الركاب، وتوفير الخدمات الأساسية في المطارات.

زيادة الطلب على السفر

بالتزامن مع النقص في الموظفين، شهد قطاع الطيران زيادة غير مسبوقة في الطلب على السفر، خاصة مع تخفيف القيود المتعلقة بالجائحة. وقد أدى هذا الارتفاع في الطلب إلى زيادة الضغط على المطارات وشركات الطيران، مما فاق قدرتها على الاستيعاب.

تفاصيل الاضطرابات في المطارات الرئيسية

تسببت الأزمة في حالة من الفوضى في المطارات الرئيسية. في مطار مدريد باراخاس، وصلت فترات التأخير إلى أكثر من ست ساعات في بعض الحالات، مما أدى إلى تفويت العديد من المسافرين لرحلات الربط. وفي باريس شارل ديغول، امتلأت صالات الانتظار بالمسافرين العالقين، مع نقص واضح في الخدمات الأساسية. وبالمثل، شهد مطار إسطنبول صبيحة كوكجن ازدحامًا شديدًا وتأخيرات كبيرة في الرحلات.

التأثير الإقليمي والدولي للأزمة

تمتد آثار هذه الاضطرابات إلى ما هو أبعد من المطارات المتضررة مباشرة. فشبكة الطيران الأوروبية متشابكة، وأي تأخير في مطار رئيسي يؤدي إلى سلسلة من التأخيرات المتعاقبة في جميع أنحاء القارة، وهو ما يعرف بـ “تأثير الدومينو”. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر هذه الاضطرابات على حركة الطيران العالمية، حيث تعتبر هذه المطارات نقاط عبور رئيسية للرحلات المتجهة إلى آسيا والأمريكتين والشرق الأوسط. وتشير التقديرات الأولية إلى خسائر اقتصادية كبيرة لشركات الطيران وقطاع السياحة بسبب هذه الأزمة. وتعتبر حركة السياحة من القطاعات المتضررة بشكل كبير.

نصائح للمسافرين المتضررين

نصحت شركات الطيران المتضررة المسافرين بالتحقق باستمرار من تحديثات رحلاتهم عبر التطبيقات والمواقع الرسمية قبل التوجه إلى المطار. كما دعتهم إلى التواصل المباشر مع مكاتب خدمة العملاء لترتيب حجوزات بديلة أو الاستفسار عن حقوقهم في الحصول على تعويضات، وفقًا للوائح حماية الركاب الأوروبية (EU261). وتشمل التعويضات المحتملة توفير إقامة فندقية وقسائم طعام ومشروبات.

من المتوقع أن تستمر هذه الاضطرابات خلال الأيام القليلة القادمة، حيث تسعى المطارات وشركات الطيران إلى معالجة النقص في الموظفين وتلبية الطلب المتزايد على السفر. ويراقب الخبراء عن كثب جهود شركات الطيران لزيادة عدد الموظفين وتحسين الكفاءة التشغيلية. وستكون البيانات المتعلقة بأعداد الرحلات الملغاة والمؤجلة في الأيام القادمة مؤشرًا رئيسيًا على مدى نجاح هذه الجهود. كما أن تطورات حركة النقل الجوي ستكون محل اهتمام كبير.

شاركها.