أعلنت وزارة الدفاع الإماراتية اليوم، الثلاثاء 30 ديسمبر 2025، عن الانتهاء الكامل لوجودها العسكري في اليمن، منهية بذلك عقداً من التدخل ضمن التحالف العربي. يمثل هذا القرار تحولاً كبيراً في السياسة الإماراتية تجاه اليمن، ويدعو إلى إعادة تقييم المشهد الأمني والسياسي في المنطقة. وتأتي هذه الخطوة بعد سنوات من الدعم العسكري واللوجستي للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.

الانسحاب الكامل للقوات الإماراتية من اليمن يمثل نهاية فصل مهم في الصراع اليمني المستمر. وفقاً لبيان الوزارة، جاء القرار “بمحض إرادتها” ويهدف إلى ضمان سلامة القوات الإماراتية. ويأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه اليمن جهوداً دبلوماسية مكثفة للتوصل إلى حل سياسي شامل للصراع.

خلفية الوجود العسكري الإماراتي في اليمن

بدأت المشاركة الإماراتية في اليمن في مارس 2015، كجزء من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية. كان الهدف المعلن هو استعادة الحكومة اليمنية الشرعية بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء وأجزاء كبيرة من البلاد. لعبت القوات الإماراتية دوراً حاسماً في العمليات العسكرية، خاصة في المناطق الجنوبية، حيث ساهمت في تحرير مدينة عدن والمناطق المحيطة بها.

الدعم الإماراتي للحكومة اليمنية

قدمت الإمارات دعماً عسكرياً ولوجستياً كبيراً للحكومة اليمنية، بما في ذلك التدريب والتجهيز للقوات اليمنية. بالإضافة إلى ذلك، شاركت الإمارات في جهود الإغاثة الإنسانية وتقديم المساعدات للمدنيين المتضررين من الحرب. وقد ساهم هذا الدعم في تعزيز قدرات الحكومة اليمنية على مواجهة التحديات الأمنية والإنسانية.

تحول الاستراتيجية الإماراتية والانسحاب التدريجي

مع مرور الوقت، بدأت الاستراتيجية الإماراتية في اليمن تتغير. في عام 2019، أعلنت الإمارات عن خفض كبير لقواتها وسحب معظم عتادها العسكري من البلاد. ركزت الإمارات بعد ذلك على دعم وتدريب القوات اليمنية المحلية، بدلاً من المشاركة المباشرة في العمليات القتالية. كما اقتصر الوجود العسكري المتبقي على فرق متخصصة في مكافحة الإرهاب، تعمل بالتنسيق مع الشركاء الدوليين.

مكافحة الإرهاب كهدف رئيسي

استمرت القوات الإماراتية في العمل مع الشركاء الدوليين لمكافحة التنظيمات الإرهابية في اليمن، مثل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب (AQAP) وداعش. وقد ساهمت هذه الجهود في الحد من نفوذ هذه التنظيمات واستعادة الاستقرار في بعض المناطق. ومع ذلك، ظلت التحديات الأمنية كبيرة، مما استدعى استمرار التعاون الدولي.

أسباب الانسحاب الكامل وتداعياته المحتملة

قرار الانسحاب الكامل، الذي وصفته وزارة الدفاع بأنه جاء “بمحض إرادتها”، يعكس تقييماً شاملاً للتطورات الأخيرة في اليمن. ورغم أن البيان لم يحدد هذه التطورات، إلا أنها قد تشمل التقدم في المحادثات الدبلوماسية، أو تغير تقييم المخاطر الأمنية. من المتوقع أن يكون لهذا الانسحاب تأثير كبير على توازن القوى بين الفصائل المختلفة في اليمن.

على الصعيد الإقليمي، يعزز هذا القرار التوجه الإماراتي نحو الدبلوماسية وخفض التصعيد، وهو نهج تتبعه أبوظبي في علاقاتها مع القوى الإقليمية الأخرى. قد يشجع هذا التوجه على حلول سياسية للصراعات الإقليمية الأخرى، ويعزز الاستقرار في المنطقة. وتعتبر هذه الخطوة جزءاً من رؤية أوسع للإمارات، تركز على التعاون الاقتصادي والاستقرار السياسي.

مستقبل اليمن والمنطقة

تؤكد وزارة الدفاع الإماراتية أن هذا الإجراء يتماشى مع التزامات الدولة ودورها في دعم أمن واستقرار المنطقة. وتعتبر الإمارات أن الحل في اليمن يجب أن يكون سياسياً، وأنها تعيد ترتيب أولوياتها الاستراتيجية لتتواءم مع رؤيتها لمستقبل المنطقة. من المتوقع أن تشهد اليمن في الأشهر القادمة مزيداً من الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق سلام شامل. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من التحديات التي تواجه العملية السياسية، بما في ذلك الانقسامات الداخلية والخلافات الإقليمية. من الضروري مراقبة التطورات على الساحة اليمنية عن كثب، وتقييم تأثير الانسحاب الإماراتي على مستقبل البلاد والمنطقة. الوضع الإنساني في اليمن يظل مصدر قلق بالغ، ويتطلب استمرار الدعم الإنساني الدولي.

من المرجح أن تركز الإمارات في المستقبل على الدعم الاقتصادي والإنساني لليمن، بدلاً من التدخل العسكري المباشر. وستواصل الإمارات العمل مع الشركاء الدوليين لتعزيز الاستقرار في المنطقة، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز التعاون الاقتصادي. يبقى مستقبل اليمن غير مؤكد، لكن الانسحاب الإماراتي يمثل فرصة جديدة للتوصل إلى حل سياسي شامل يضمن الأمن والاستقرار للجميع.

شاركها.