دعت الصين إلى إقامة “نموذج جديد للتفاعل الإيجابي” مع الولايات المتحدة، في خطوة تهدف إلى تعزيز الانفراج الأخير في العلاقات بين البلدين. جاء هذا الإعلان من وزير الخارجية الصيني وانغ يي، بالتزامن مع مناورات عسكرية صينية واسعة النطاق حول تايوان، مع التأكيد على موقف بكين الثابت بشأن الجزيرة. وتسعى الصين من خلال هذه الدعوة إلى تحقيق استقرار في العلاقات مع واشنطن، مع الحفاظ على مصالحها الجوهرية.

أكد وانغ يي، في كلمة ألقاها خلال ندوة حول العلاقات الخارجية، على رغبة بلاده في تعزيز التنمية السليمة والمستقرة للعلاقات الصينية الأمريكية على أساس الاحترام المتبادل. ومع ذلك، شدد على أن الصين لن تتنازل عن مصالحها الأساسية، خاصة فيما يتعلق بمسألة تايوان، التي تعتبرها جزءًا لا يتجزأ من أراضيها. يأتي هذا التصريح في وقت تشهد فيه العلاقات بين الصين والولايات المتحدة تحسناً ملحوظاً، على الرغم من التوترات المستمرة.

مناورات الصين وتأثيرها على العلاقات مع الولايات المتحدة

تأتي تصريحات وانغ يي في خضم مناورات عسكرية صينية واسعة النطاق بالذخيرة الحية حول تايوان، وهي مناورات تعتبر رسالة واضحة لواشنطن بشأن دعمها العسكري لتايبيه. وقد أعلنت الولايات المتحدة مؤخرًا عن حزمة أسلحة كبيرة لتايوان، مما أثار غضب بكين.

على الرغم من هذه المناورات، أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تفاؤله بشأن العلاقات مع الصين. وأشاد بعلاقته الشخصية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، مؤكدًا أنه لم يتم إطلاعه على تفاصيل المناورات مسبقًا.

هدنة تجارية وتنازلات متبادلة

تستند دعوات بكين إلى علاقات أكثر استقراراً مع الولايات المتحدة إلى هدنة تجارية تم التوصل إليها في أكتوبر الماضي. وقد ساهم هذا الاتفاق في تهدئة التوترات الاقتصادية بين أكبر اقتصادين في العالم، على الرغم من أنه يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه حل مؤقت.

في إطار هذه الهدنة، وافقت الولايات المتحدة على استئناف واردات فول الصويا من الصين، بالإضافة إلى تسهيل تدفق المعادن النادرة. كما تم إحراز تقدم في مفاوضات بشأن مستقبل عمليات شركة “بايت دانس” المالكة لتطبيق “تيك توك” في الولايات المتحدة.

في المقابل، حصلت الصين على تنازلات في مجال التكنولوجيا، حيث سمحت إدارة ترامب لشركات أمريكية مثل “إنفيديا” و”إيه إم دي” باستئناف مبيعاتها للعملاء الصينيين. هذه التنازلات المتبادلة تعكس رغبة كلا البلدين في تجنب المزيد من التصعيد في التوترات التجارية والتكنولوجية.

تطورات دبلوماسية وزيادة التوترات مع طوكيو

من المتوقع أن تشهد العلاقات الصينية الأمريكية زخمًا دبلوماسيًا متزايدًا في عام 2026، مع زيارة الرئيس ترامب إلى الصين في أبريل القادم، وزيارة مماثلة للرئيس شي إلى الولايات المتحدة لاحقًا. بالإضافة إلى ذلك، ستستضيف الصين قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ “أبيك” هذا العام، بينما ستستضيف الولايات المتحدة قمة مجموعة العشرين، مما يوفر فرصًا إضافية للقاءات بين الزعيمين.

ومع ذلك، يشهد الجانب الآخر من السياسة الخارجية الصينية توترات متزايدة مع اليابان. فقد أثارت تصريحات لرئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي بشأن احتمال نشر قوات يابانية عسكرية في حالة محاولة الصين السيطرة على تايوان غضب بكين.

ردت الصين بفرض سلسلة من الإجراءات العقابية على اليابان، بما في ذلك تقييد واردات المأكولات البحرية وحث المواطنين الصينيين على تجنب السفر إلى اليابان. هذه الإجراءات تعكس قلق الصين من التحالف المتزايد بين الولايات المتحدة واليابان، والذي تعتبره تهديدًا لمصالحها الإقليمية.

خلال الندوة، أكد وانغ يي على أن الصين ستلعب دورًا أكثر حزماً على الساحة العالمية في عام 2026، وستسعى إلى أن تكون قوة مهدئة في عالم يصفه بأنه “مفترق طرق مضطرب”.

في الختام، تسعى الصين إلى تحقيق توازن دقيق في علاقاتها الخارجية، من خلال تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة مع الحفاظ على موقفها الحازم بشأن تايوان. من المتوقع أن تستمر المفاوضات بين البلدين في الأشهر المقبلة، مع التركيز على القضايا التجارية والتكنولوجية والأمنية. يبقى التحدي الأكبر هو إدارة التوترات حول تايوان وتجنب أي تصعيد قد يضر بالعلاقات الثنائية.

شاركها.