أعلنت روسيا عن تحديد أهداف وتوقيت لشن هجوم مضاد في أوكرانيا، وذلك بعد استهداف ما يُزعم أنه مقر إقامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كييف. يأتي هذا التصعيد في وقت حرج تتواصل فيه الجهود الدبلوماسية للوصول إلى حل للنزاع المستمر، مع تركيز المحادثات على إمكانية التوصل إلى إطار سلام شامل. وتعتبر قضية السلام في أوكرانيا من القضايا المعقدة التي تتطلب توازناً دقيقاً بين مصالح الأطراف المتنازعة.
ويأتي الإعلان الروسي عقب لقاء بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فلوريدا، حيث ناقشا مقترحاً لإطار سلام. ومع ذلك، تشير التقارير إلى وجود خلافات جوهرية حول الشروط اللازمة لوقف إطلاق النار، خاصة فيما يتعلق بالسيطرة على الأراضي المتنازع عليها.
دونباس.. حجر الزاوية في موقف روسيا
صرّح الكرملين بأن أي وقف للقتال في أوكرانيا يعتمد بشكل أساسي على انسحاب القوات الأوكرانية من منطقة دونباس. وأكد المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، أن كييف قد تخسر المزيد من الأراضي إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، مشدداً على ضرورة الانسحاب الكامل من “الحدود الإدارية لدونباس” كشرط مسبق لوقف إطلاق النار. ووفقاً للتقديرات الروسية، تسيطر قواتها حالياً على حوالي خمس الأراضي الأوكرانية.
وتشمل هذه المناطق شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014، بالإضافة إلى ما يقرب من 90% من دونباس، و75% من منطقتي زابوريجيا وخيرسون، وأجزاء من خاركيف وسومي وميكولايف ودنيبروبتروفسك. رفض بيسكوف تحديد ما إذا كان الانسحاب المطلوب سيشمل أيضاً منطقتي زابوريجيا وخيرسون.
خطة السلام المقترحة ومحطة زابوريجيا
من جانبه، أوضح الرئيس زيلينسكي أن السيطرة على دونباس ومحطة زابوريجيا النووية لا تزال قيد المناقشة ضمن خطة السلام التي تتكون من 20 بنداً. وأشار إلى أن المحادثات تتضمن أيضاً دراسة إنشاء منطقة اقتصادية حرة في دونباس، لكنه لم يقدم تفاصيل إضافية حول هذه المقترحات. وتدرس الولايات المتحدة هذه الأفكار، بما في ذلك احتمال انسحاب أوكرانيا من دونيتسك.
في هذا السياق، يمثل الوضع في محطة زابوريجيا النووية مصدر قلق بالغ للمجتمع الدولي. تخضع المحطة حالياً للسيطرة الروسية، وهناك مخاوف متزايدة بشأن سلامتها وأمنها. رفض الكرملين التعليق على مستقبل المحطة، معتبراً أن الوقت الحالي غير مناسب لمناقشة هذه القضايا.
توقعات باتصال بين ترامب وبوتين
أفاد المتحدث باسم الكرملين بأن اتصالاً هاتفياً جديداً بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين من المتوقع أن يتم قريباً. يأتي هذا بعد مكالمة هاتفية سابقة بينهما يوم الأحد، قبيل لقاء ترامب مع زيلينسكي. في المقابل، لا توجد حالياً أي خطط لعقد مكالمة مباشرة بين بوتين وزيلينسكي.
وفيما يتعلق بالضمانات الأمنية، ذكر زيلينسكي أن مسودة إطار السلام تتضمن ضمانات أمنية أمريكية لأوكرانيا لمدة 15 عاماً. وقد طالب بتمديد هذه الضمانات إلى 50 عاماً، بينما أكد ترامب التزام واشنطن بتقديم “ضمانات قوية” لكييف. كما أكد زيلينسكي على أهمية وجود آلية لمراقبة وقف إطلاق النار كجزء من هذه الضمانات.
شروط أوكرانيا لوقف إطلاق النار
أصر زيلينسكي على ضرورة طرح خطة السلام المؤلفة من 20 بنداً في استفتاء شعبي داخل أوكرانيا. وأكد أن وقف إطلاق النار لمدة لا تقل عن 60 يوماً هو شرط أساسي لإجراء هذا الاستفتاء بشكل آمن وشرعي. كما أوضح أن توقيع خطة السلام يجب أن يتم من قبل أوكرانيا والولايات المتحدة وروسيا وأطراف أوروبية أخرى.
وأضاف أن بلاده “مستعدة للحوار مع روسيا وفق أي صيغة ممكنة”، مشيراً إلى أن عقد اجتماع مباشر مع موسكو يتطلب أولاً اتفاقاً بين ترامب والقادة الأوروبيين على الإطار العام للسلام. وأعرب عن أمله في أن تبدأ الدول الشريكة بتقديم ضمانات أمنية فور التوصل إلى اتفاق سلام نهائي.
من جانبه، صرح الرئيس ترامب خلال مؤتمر صحفي في فلوريدا أن لقاءه مع زيلينسكي “قرب كثيراً التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا”. وأشار إلى وجود “شبه توافق” على اتفاقية أمنية بين واشنطن وكييف، لكنه أكد أن “قضايا الأراضي لا تزال عالقة وتتطلب حلاً”.
في الختام، لا تزال آفاق السلام في أوكرانيا غير واضحة، مع استمرار الخلافات حول قضايا رئيسية مثل السيطرة على الأراضي والضمانات الأمنية. من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيداً من المفاوضات والمشاورات بين الأطراف المعنية، مع التركيز على إيجاد حلول وسط ترضي جميع الأطراف. يبقى من الضروري مراقبة التطورات على الأرض، وخاصة الوضع في دونباس ومحطة زابوريجيا النووية، بالإضافة إلى نتائج الاتصالات الدبلوماسية الجارية.






