مع استمرار التوترات الإقليمية، يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ميامي يوم الاثنين. ومن المتوقع أن يركز اللقاء على مستقبل اتفاق قطاع غزة، بما في ذلك الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، وإمكانية تصعيد التوترات مع إيران، وآليات توسيع النفوذ الإسرائيلي في المنطقة. يأتي هذا اللقاء في ظل اتهامات لإسرائيل بانتهاك بنود وقف إطلاق النار الحالي.

فبعد 77 يوماً من سريان وقف إطلاق النار، تتهم جهات فلسطينية إسرائيل بمواصلة الانتهاكات، بما في ذلك مقتل وإصابة أكثر من 400 فلسطيني و1100 آخرين على التوالي، بالإضافة إلى رفضها فتح المعابر لتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية الضرورية، وهو ما نصت عليه خطة ترامب الأصلية. هذا التعثر في تنفيذ الاتفاق يضع ضغوطاً إضافية على كلا الطرفين.

تذويب قضية غزة؟

يرى محللون أن نتنياهو، الذي يواجه تحقيقاً جنائياً دولياً، يسعى للحصول على دعم أميركي لمواصلة العمليات العسكرية في غزة ولبنان، بالإضافة إلى الحصول على ضوء أخضر لشن هجوم محتمل على إيران. وتشير التقارير إلى تزايد الاستياء في الإدارة الأميركية من سلوك نتنياهو، الذي يعتبرونه معرقلًا للاتفاق.

وتتوقع قناة “كان” الإسرائيلية مناقشة الجانبين لبدء المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي تشمل نزع سلاح حركة حماس، وتشكيل لجنة تكنوقراط لإدارة قطاع غزة، ونشر قوة دولية للحفاظ على الأمن، وانسحاب إسرائيلي جزئي من القطاع. ومع ذلك، يرى البعض أن هذه النقاط قد تكون موضع خلاف كبير.

يعتقد توماس واريك، المسؤول السابق في الخارجية الأميركية، أن ترامب قد يرفض الموافقة على ضربة جديدة لإيران أو لبنان، لكنه قد يوافق على استمرار العمليات الإسرائيلية في غزة. ويرجع ذلك إلى الخلافات حول كيفية نزع سلاح حماس، والتي من غير المرجح أن يتم حلها خلال زيارة نتنياهو.

ترامب يبحث عن مصالحه في المنطقة

في المقابل، يرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية عادل شديد أن قضايا غزة ولبنان وإيران قد لا تكون محور النقاش الرئيسي، بل ستركز المشاورات على توسيع النفوذ الإسرائيلي في المنطقة. ويستند هذا الرأي إلى أن إسرائيل لا يمكنها الاستمرار في انتهاك الاتفاق في غزة أو تهديد الأمن الإقليمي دون موافقة ضمنية من الولايات المتحدة.

ويضيف شديد أن حكومة نتنياهو قد تسعى إلى تذويب قضية غزة من خلال طرح العديد من القضايا على ترامب، بهدف إبعاد التركيز عن السيطرة الكاملة على القطاع. ويرى أن ترامب قد يضغط على نتنياهو من أجل الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، لكنه سيفعل ذلك بما يحقق مصالحه الخاصة، وليس بالضرورة مصالح الفلسطينيين.

وتتفق دلال عريقات، أستاذة الدبلوماسية وحل الصراعات بالجامعة العربية الأميركية، مع هذا الرأي، مشيرة إلى أن ترامب قد يسعى إلى ضبط سلوك نتنياهو لضمان الاستقرار الذي يرغب في تحقيقه في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالاستثمارات والطرق التجارية. وتؤكد أن ترامب لن يضيع فرصة الضغط على نتنياهو للحصول على مكاسب إضافية.

الوضع الإنساني في غزة

من الجانب الفلسطيني، يركز الاهتمام على إلزام إسرائيل بفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية، حيث تشير التقارير إلى أن إسرائيل لم تلتزم سوى بحوالي 25٪ من التزاماتها في المرحلة الأولى من الاتفاق. ويعتبر الوضع الإنساني في غزة مأساوياً، ويتطلب تدخلًا عاجلاً من المجتمع الدولي.

ويكمن التحدي في الفجوة بين أولويات إسرائيل، وتحركات الوسطاء، وتفسير ترامب لطريقة الحل. ويرى البعض أن حكومة نتنياهو تسعى إلى تخريب الاتفاق أو حصر تطبيقه في المرحلة الأولى، خاصة مع الحديث عن اعتبار “الخط الأحمر” هو الحدود الجديدة لقطاع غزة.

في الختام، من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة تطورات حاسمة بشأن مستقبل اتفاق قطاع غزة. سيكون من المهم مراقبة نتائج لقاء ترامب ونتنياهو، وردود الفعل الفلسطينية والإقليمية، ومواقف القوى الدولية الفاعلة. لا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتم التوصل إلى حل دائم، أم أن الوضع سيبقى على حاله من التوتر وعدم الاستقرار. الوضع يبقى معلقاً على نتائج المفاوضات وتطورات الأوضاع الميدانية.

شاركها.