أكد مبعوث الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، محمود محيي الدين، أن الاقتصاد المصري يتمتع بقوة كامنة في تنوعه وقاعدة سكانه الكبيرة، مما يجعله قادراً على تحقيق نمو مستدام. جاءت تصريحاته خلال مقابلة تلفزيونية، مسلطة الضوء على أهمية الاستثمار في القطاعات الرئيسية وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي. وتعتبر هذه التصريحات ذات أهمية خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الحالية التي تواجهها مصر.
وأشار محيي الدين إلى ضرورة زيادة وتيرة النمو في القطاعات الخدمية والصادرات، مع التركيز على الاستفادة من المزايا التنافسية التي تتمتع بها مصر. كما دعا إلى توطين التنمية من خلال زيادة الاستثمار المحلي في مجالات حيوية مثل التعليم والبنية التحتية التكنولوجية والرعاية الصحية، وهي عوامل أساسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
تحليل قوة الاقتصاد المصري ومحركات النمو
تعتبر مصر من أكبر الاقتصادات في المنطقة العربية، حيث يبلغ الناتج المحلي الإجمالي نحو 476.75 مليار دولار أمريكي وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي لعام 2023. يعتمد الاقتصاد المصري على عدة قطاعات رئيسية، بما في ذلك السياحة والزراعة والصناعة والخدمات، بالإضافة إلى التحويلات من المصريين العاملين في الخارج.
ومع ذلك، يواجه الاقتصاد المصري تحديات متعددة، مثل ارتفاع الدين العام، وتضخم الأسعار، ونقص العملة الأجنبية. تتطلب هذه التحديات اتباع سياسات اقتصادية حكيمة تهدف إلى تحقيق الاستقرار المالي وتعزيز النمو المستدام.
أهمية القاعدة السكانية والقطاعات الخدمية
شدد محيي الدين على أن عدد السكان يمثل ميزة تنافسية رئيسية للاقتصاد المصري، نظراً لقدرة البشر على الابتكار والإبداع وزيادة الطلب المحلي. هذا الطلب المتزايد يمكن أن يحفز الإنتاج المحلي ويساهم في خلق فرص عمل جديدة.
بالإضافة إلى ذلك، تعتبر القطاعات الخدمية، مثل السياحة والخدمات المالية والاتصالات، من أهم محركات النمو في الاقتصاد المصري. فقد شهد قطاع السياحة انتعاشاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، مما ساهم في زيادة الإيرادات من العملة الأجنبية.
تعزيز الصادرات والتعاون الدولي
أكد مبعوث الأمم المتحدة على أهمية زيادة الصادرات المصرية إلى الأسواق العالمية، وتنويع قاعدة الشركاء التجاريين. وتشمل المنتجات المصرية ذات الإمكانات التصديرية الكبيرة المنتجات الزراعية والصناعية والمنسوجات.
وفيما يتعلق بالتعاون الدولي، أشار محيي الدين إلى فرص واعدة مع الدول العربية المتميزة اقتصادياً، مثل دول مجلس التعاون الخليجي والأردن والعراق والجزائر. كما دعا إلى تعزيز الاستثمار في الدول الأفريقية، التي تشهد نمواً اقتصادياً متزايداً وإقبالاً استثمارياً من مختلف أنحاء العالم. هذا يشمل الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA).
توطين التنمية والاستثمار في البنية التحتية
أوضح محيي الدين أن توطين التنمية يتطلب زيادة الاستثمار المحلي في المجالات الحيوية، وعلى رأسها التعليم. فالتعليم الجيد هو أساس بناء رأس المال البشري القادر على المنافسة في سوق العمل العالمي.
بالإضافة إلى ذلك، يجب الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية، مثل شبكات الإنترنت عالية السرعة ومراكز البيانات، لتعزيز التحول الرقمي وتحسين بيئة الأعمال. كما أن تطوير نظام الرعاية الصحية ضروري لتحسين مستوى معيشة المواطنين وزيادة إنتاجيتهم.
ويرى خبراء الاستثمار أن مصر لديها إمكانات كبيرة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة في قطاعات الطاقة المتجددة والبنية التحتية والسياحة. ومع ذلك، يتطلب ذلك تحسين مناخ الاستثمار وتبسيط الإجراءات وتقليل البيروقراطية.
النمو الاقتصادي في مصر مرتبط بشكل كبير بالاستقرار السياسي والاجتماعي، فضلاً عن تنفيذ إصلاحات هيكلية تهدف إلى تحسين كفاءة الاقتصاد وتعزيز تنافسيته.
وفي سياق متصل، أعلنت وزارة التعاون الدولي عن جهودها الحالية لجذب تمويلات ميسرة من الشركاء الدوليين لدعم المشروعات التنموية في مصر. وتشمل هذه المشروعات مشروعات في مجالات الطاقة والنقل والمياه والصرف الصحي.
من ناحية أخرى، يشير التحليل المالي إلى أن مصر تحتاج إلى زيادة صادراتها غير النفطية لتقليل الاعتماد على الواردات وتحسين الميزان التجاري.
من المتوقع أن يناقش مجلس النواب المصري خلال الفترة القادمة حزمة من القوانين الجديدة التي تهدف إلى تحسين مناخ الاستثمار وتشجيع الصادرات. كما من المقرر أن يعقد البنك المركزي المصري اجتماعاً لتقييم الوضع الاقتصادي واتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على الاستقرار المالي. يبقى مستقبل الاقتصاد المصري رهنًا بالقدرة على التغلب على التحديات الحالية والاستفادة من الفرص المتاحة، مع التركيز على تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.






