أثارت تصريحات حديثة لمختصين في مجال التربية والتعليم نقاشًا حول تأثير استخدام الهواتف الذكية في سن مبكرة على الأطفال، مع التركيز على إمكانية تحويل هذا الاستخدام إلى أداة لتعزيز الأداء الدراسي. وشددت الخبيرة التربوية الدكتورة فوزية الشهراني على أن التعود على تلقي المعلومات من خلال الجوال قد يشكل تحديًا، لكن دمج التكنولوجيا مع المواد التعليمية يمكن أن يساهم في تحقيق نتائج إيجابية. هذا الموضوع المتعلق بـ استخدام الجوال لدى الأطفال يكتسب أهمية متزايدة في ظل الانتشار الواسع لهذه الأجهزة.
جاءت هذه التصريحات خلال مشاركة الدكتورة الشهراني في برنامج “الراصد”، حيث ناقشت التحديات والفرص المرتبطة بدمج التكنولوجيا في التعليم. وأكدت على أن وزارة التعليم السعودية اتخذت خطوات في هذا الاتجاه من خلال توفير الكتب الإلكترونية والشروحات المصاحبة لها. الهدف هو الاستفادة من الإقبال الكبير على استخدام الجوالات بين الطلاب وتوجيهه نحو مسارات تعليمية بناءة.
تأثير استخدام الجوال على الأطفال: بين المخاطر والفرص
يشكل استخدام الجوال في سن مبكرة قضية معقدة تتطلب دراسة متأنية. فمن جهة، يثير القلق بشأن الآثار المحتملة على النمو المعرفي والاجتماعي والعاطفي للأطفال. ومن جهة أخرى، يتيح فرصًا جديدة للتعلم والتواصل والإبداع. العديد من الدراسات تشير إلى أن الإفراط في استخدام الشاشات قد يؤدي إلى صعوبات في التركيز، وتأخر في النمو اللغوي، ومشاكل في النوم.
التعود على نمط معين من المعلومات
أوضحت الدكتورة الشهراني أن أحد أبرز التحديات هو أن الأطفال الذين يعتادون على تلقي المعلومات من خلال الجوال قد يجدون صعوبة في التعامل مع الأساليب التعليمية التقليدية. هذا يرجع إلى أن الجوال يقدم المعلومات بطريقة سريعة ومبسطة، بينما تتطلب الكتب والمحاضرات جهدًا أكبر في الفهم والتحليل. بالتالي، قد يؤثر ذلك على قدرتهم على التفكير النقدي وحل المشكلات.
دور وزارة التعليم في الدمج التكنولوجي
في محاولة لمواجهة هذه التحديات، قامت وزارة التعليم السعودية بتبني استراتيجية تهدف إلى دمج التكنولوجيا في العملية التعليمية. وتشمل هذه الاستراتيجية توفير الكتب الإلكترونية، وتطوير منصات تعليمية رقمية، وتدريب المعلمين على استخدام الأدوات التكنولوجية الحديثة. تهدف هذه الخطوات إلى جعل التعلم أكثر تفاعلية وجاذبية للطلاب، والاستفادة من اهتمامهم بالتكنولوجيا في تعزيز أداءهم الدراسي.
بالإضافة إلى الكتب الإلكترونية، تعمل الوزارة على تطوير محتوى تعليمي رقمي متنوع، مثل مقاطع الفيديو التوضيحية، والألعاب التعليمية، والتطبيقات التفاعلية. هذا المحتوى يهدف إلى تقديم المعلومات بطرق مبتكرة ومناسبة لأعمار الطلاب المختلفة. كما تسعى الوزارة إلى توفير الوصول إلى الإنترنت لجميع الطلاب، لضمان استفادتهم من هذه الموارد التعليمية الرقمية.
ومع ذلك، يرى بعض التربويين أن مجرد توفير الأدوات التكنولوجية لا يكفي، وأن الأهم هو كيفية استخدامها بشكل فعال. ويؤكدون على ضرورة وضع خطط دراسية متكاملة تستفيد من التكنولوجيا في تحقيق الأهداف التعليمية، وتنمية مهارات الطلاب المختلفة. كما يشيرون إلى أهمية توعية أولياء الأمور بمخاطر الإفراط في استخدام الجوال، وتشجيعهم على مراقبة استخدام أطفالهم لهذه الأجهزة.
تعتبر قضية التعليم عن بعد، والتي تسارعت وتيرتها بسبب جائحة كوفيد-19، مثالًا واضحًا على أهمية دمج التكنولوجيا في التعليم. وقد أظهرت التجربة أن التعليم عن بعد يمكن أن يكون فعالًا إذا تم توفيره بالصورة المناسبة، واستخدام الأدوات التكنولوجية بشكل صحيح. لكنها أيضًا سلطت الضوء على التحديات التي تواجه الطلاب وأولياء الأمور في هذا المجال، مثل صعوبة الوصول إلى الإنترنت، ونقص المهارات الرقمية.
التحول الرقمي في التعليم لا يقتصر على المنهج الدراسي، بل يشمل أيضًا أساليب التقييم والتدريس. وتسعى وزارة التعليم إلى تطوير أساليب تقييم جديدة تعتمد على التكنولوجيا، مثل الاختبارات الإلكترونية، والمشاريع الرقمية، والتقييم الذاتي. كما تشجع المعلمين على استخدام أساليب تدريس مبتكرة، مثل التعلم القائم على المشاريع، والتعلم التعاوني، والتعلم المدمج.
في الختام، يظل مستقبل استخدام الجوال في التعليم أمرًا يتطلب المزيد من البحث والدراسة. من المتوقع أن تستمر وزارة التعليم في جهودها لدمج التكنولوجيا في العملية التعليمية، وتطوير الموارد التعليمية الرقمية. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الجهود يعتمد على التعاون بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك المعلمين وأولياء الأمور والطلاب. من الضروري مراقبة تأثير هذه التطورات على الأداء الدراسي والنمو الشامل للأطفال، وتقييم فعالية الاستراتيجيات المتبعة بشكل دوري.






