أعلن مصرف سورية المركزي عن إطلاق العملة السورية الجديدة، وذلك في خطوة تهدف إلى تحديث النظام النقدي وتعزيز الاستقرار الاقتصادي. ومن المقرر أن تبدأ عملية استبدال الأوراق النقدية القديمة بالجديدة في الأول من يناير 2026، وفقًا لمرسوم تشريعي صادر مؤخرًا. تأتي هذه الخطوة بعد فترة طويلة من التدهور في قيمة الليرة السورية وتأثير العقوبات الاقتصادية.
أفاد حاكم مصرف سورية المركزي، عبد القادر الحصرية، عبر صفحته على فيسبوك أن صدور العملة الجديدة يمثل “محطة وطنية مفصلية” و”بداية مرحلة اقتصادية ونقدية جديدة”. المرسوم رقم 293 لعام 2025 يمنح المصرف المركزي الصلاحيات اللازمة لتحديد جداول الاستبدال ومراكزها، مع التركيز على تسهيل الإجراءات للمواطنين في جميع المناطق السورية. لم يتم حتى الآن الكشف عن تفاصيل التصميم أو الفئات النقدية الجديدة.
أهمية إصدار العملة السورية الجديدة
يأتي إصدار العملة السورية الجديدة في ظل تحديات اقتصادية كبيرة تواجه سوريا، بما في ذلك ارتفاع معدلات التضخم، وانخفاض قيمة الليرة السورية، ونقص السيولة بالعملات الأجنبية. يهدف المصرف المركزي من خلال هذه الخطوة إلى استعادة الثقة بالعملة الوطنية ومكافحة التزوير. كما يُنظر إليها على أنها محاولة لتبسيط النظام النقدي وتحديثه.
الأسباب الكامنة وراء التحديث
تعاني سوريا من أزمة اقتصادية حادة منذ بداية الحرب الأهلية عام 2011. تسببت العقوبات الدولية في تقييد الوصول إلى الأسواق العالمية، مما أدى إلى نقص في الاستثمارات والصادرات. بالإضافة إلى ذلك، أدت طباعة كميات كبيرة من النقود لتمويل الإنفاق الحكومي إلى ارتفاع التضخم وتآكل القوة الشرائية لليرة السورية.
يعتقد بعض الخبراء أن إصدار عملة جديدة قد يكون محاولة لإعادة هيكلة الدين العام أو للتعامل مع الأصول المجمدة في الخارج. ومع ذلك، لم يصدر أي تأكيد رسمي لهذه التفسيرات.
آلية الاستبدال المتوقعة
وفقًا للمعلومات المتاحة، سيتم الإعلان عن تفاصيل عملية استبدال الأوراق النقدية القديمة بالجديدة في وقت لاحق من قبل المصرف المركزي. من المتوقع أن يتم تحديد فترة زمنية محددة لإجراء الاستبدال، بالإضافة إلى تحديد مراكز الاستبدال في مختلف المحافظات السورية.
من المرجح أن يتم تحديد سقف مالي للاستبدال الفوري، بينما قد تتطلب المبالغ الكبيرة إجراءات إضافية للتحقق من المصدر. يهدف المصرف المركزي إلى ضمان سلاسة عملية الاستبدال وتجنب أي اضطرابات في الأسواق.
التحديات المحتملة وعلاقتها بالوضع الاقتصادي
على الرغم من أن إصدار العملة السورية الجديدة قد يمثل خطوة إيجابية، إلا أنه يواجه العديد من التحديات. أحد أهم هذه التحديات هو كيفية التعامل مع الأوراق النقدية القديمة المتداولة في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف بشأن قدرة المصرف المركزي على الحفاظ على استقرار سعر الصرف بعد إصدار العملة الجديدة. يعتمد نجاح هذه الخطوة بشكل كبير على قدرة الحكومة السورية على تنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة، بما في ذلك مكافحة الفساد وتحسين بيئة الاستثمار.
من المتوقع أن يؤثر هذا التغيير على الوضع المالي للمواطنين والشركات، خاصة فيما يتعلق بالودائع والقروض. قد تحتاج البنوك والمؤسسات المالية إلى تحديث أنظمتها وإجراءاتها لتلبية متطلبات العملة الجديدة.
في المقابل، يرى البعض أن هذه الخطوة قد تساهم في الحد من تهريب الأموال إلى الخارج وتعزيز الرقابة على المعاملات المالية. كما يمكن أن تساعد في تحسين كفاءة النظام المصرفي وتخفيض تكاليف التعامل مع النقد.
تأثيرات محتملة على الأسعار والتجارة
من المرجح أن يؤدي إصدار العملة السورية الجديدة إلى بعض التغيرات في الأسعار والتجارة على المدى القصير. قد يشهد السوق ارتفاعًا في الأسعار نتيجة لعملية التقريب والتعديل التي يقوم بها التجار.
ومع ذلك، إذا تمكن المصرف المركزي من الحفاظ على استقرار سعر الصرف، فقد يساعد ذلك في السيطرة على التضخم وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين. من المهم مراقبة تطورات الأسعار والتجارة عن كثب خلال الفترة التي تلي إصدار العملة الجديدة.
قد يؤثر هذا التغيير أيضًا على حجم التبادل التجاري مع الدول الأخرى. إذا تمكنت سوريا من تحسين صورتها الاقتصادية من خلال إصدار عملة جديدة، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية وتحسين العلاقات التجارية مع الدول الأخرى.
بشكل عام، يعتبر إصدار العملة السورية الجديدة خطوة جريئة تهدف إلى معالجة التحديات الاقتصادية التي تواجه سوريا. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الخطوة يعتمد على العديد من العوامل، بما في ذلك قدرة الحكومة السورية على تنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة واستعادة الثقة بالعملة الوطنية.
الخطوة التالية المتوقعة هي الإعلان عن التفاصيل الكاملة لعملية استبدال الأوراق النقدية القديمة، بما في ذلك الجداول الزمنية ومراكز الاستبدال. من المهم أيضًا مراقبة تطورات سعر الصرف والتضخم في الفترة التي تلي الإصدار، بالإضافة إلى تقييم تأثيره على القطاعات الاقتصادية المختلفة. يبقى الوضع الاقتصادي في سوريا غير مؤكد، ويتطلب مراقبة دقيقة وتقييمًا مستمرًا.






