أصبح المستخدمون على منصة “بينترست” يشكون من تزايد المحتوى منخفض الجودة الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، ما أثر سلبًا على تجربة المستخدم. هذا المحتوى، الذي يُشار إليه بـ “محتوى الذكاء الاصطناعي الرخيص” (AI slop)، يتضمن وصفات طعام غير دقيقة، وصورًا غير واقعية، ومدونات تبدو مثالية ولكنها تفتقر إلى الأصالة. وقد أدى هذا الانتشار إلى تساؤلات حول مستقبل المنصة وقدرتها على الحفاظ على مجتمعها النشط.
بدأت المشكلة في الظهور بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة، حيث لاحظ المستخدمون ظهور عدد كبير من الحسابات والمنشورات التي تبدو آلية. تتراوح هذه المنشورات بين وصفات الطعام التي تحتوي على تعليمات غير منطقية، مثل “تسجيل” الدجاج في الطباخ البطيء، إلى صور المنتجات التي تبدو مصطنعة بشكل واضح. تأتي هذه التطورات في وقت تسعى فيه بينترست لزيادة الإيرادات من خلال الإعلانات والتسويق بالعمولة.
انتشار محتوى الذكاء الاصطناعي الرخيص على بينترست
وفقًا لـ Alexios Mantzarlis، مدير مبادرة الأمن والثقة والسلامة في Cornell Tech، فإن “بينترست” أكثر عرضة لهذا النوع من المحتوى مقارنة بالمنصات التي تركز على الفيديو. ويرجع ذلك إلى أن إنشاء صور واقعية باستخدام الذكاء الاصطناعي أسهل وأقل تكلفة من إنتاج مقاطع فيديو ذات جودة مماثلة. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد بينترست بشكل كبير على توجيه المستخدمين إلى مواقع خارجية، مما يجعل من السهل على مزارع المحتوى تحقيق الدخل من خلال الروابط التابعة.
تأثير ذلك على تجربة المستخدم
أعرب العديد من المستخدمين عن إحباطهم من التغيرات التي طرأت على المنصة. Caitlyn Jones، وهي مستخدمة بينترست منذ خمس سنوات، وجدت نفسها مضطرة لإعداد وصفة دجاج وبروكلي غير لذيذة بعد أن اشترت جميع المكونات بناءً على وصفة تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي. وقد دفعتها هذه التجربة إلى التخلي عن التطبيق تمامًا، معبرة عن قلقها بشأن فقدان “بينترست” لما كان يميزها من أصالة ومحتوى حقيقي.
يشير مصطلح “Enshittification” (الترهل) – وهو مصطلح اكتسب شعبية لوصف تدهور جودة الخدمات الرقمية – إلى أن المنصات مثل بينترست قد تعطي الأولوية للإيرادات على حساب تجربة المستخدم. في البداية، تركز المنصة على توفير قيمة للمستخدمين، ثم تبدأ في إعطاء الأولوية للمعلنين، وأخيرًا تستغل المستخدمين لتحقيق أقصى قدر من الأرباح. هذا التحول يمكن أن يؤدي إلى فقدان الثقة وتراجع المشاركة.
الذكاء الاصطناعي وتأثيره على المحتوى الرقمي
لا يقتصر انتشار “محتوى الذكاء الاصطناعي الرخيص” على بينترست فحسب، بل هو ظاهرة أوسع نطاقًا تؤثر على الإنترنت بأكمله. يتضمن هذا المحتوى مقاطع فيديو، وكتبًا، ومنشورات على منصات مثل Medium، وغالبًا ما يكون منخفض الجودة ويفتقر إلى الأصالة. يؤكد الخبراء أن جميع المنصات تواجه الآن هذا التحدي، حيث أصبح إنتاج المحتوى بالذكاء الاصطناعي هو “الوضع الطبيعي الجديد”.
تعتمد هذه المزارع على أدوات الذكاء الاصطناعي لإنشاء كميات هائلة من المحتوى بسرعة وبتكلفة منخفضة. غالبًا ما يكون هذا المحتوى مصممًا لجذب انتباه المستخدمين لفترة قصيرة من الوقت، بهدف تحقيق الدخل من خلال الإعلانات أو الروابط التابعة. ومع ذلك، فإن الجودة الرديئة لهذا المحتوى يمكن أن تؤدي إلى إرباك المستخدمين وتقليل ثقتهم في المنصة.
تعتبر “بينترست” مثالًا واضحًا على كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي على المحتوى الرقمي. فالمنصة، التي بدأت كمحرك بحث مرئي عن الأفكار الإبداعية، أصبحت الآن تعاني من تدفق هائل من المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي. هذا التحول يثير تساؤلات حول مستقبل المنصة وقدرتها على الحفاظ على مجتمعها النشط.
في الوقت الحالي، لم تصدر بينترست بيانًا رسميًا حول كيفية تعاملها مع مشكلة “محتوى الذكاء الاصطناعي الرخيص”. ومع ذلك، من المتوقع أن تتخذ المنصة خطوات لمعالجة هذه المشكلة، مثل تحسين خوارزميات الكشف عن المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، وتشجيع المستخدمين على الإبلاغ عن المحتوى المشبوه. سيكون من المهم مراقبة رد فعل بينترست في الأسابيع والأشهر القادمة، وتقييم مدى فعالية الإجراءات التي تتخذها في الحفاظ على جودة المحتوى وتجربة المستخدم.






