شهدت مدينة بيت لحم عودة الاحتفالات بعيد الميلاد هذا العام، بعد توقف دام لعدة سنوات بسبب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. توافد آلاف المسيحيين والزوار من مختلف أنحاء العالم إلى المدينة للاحتفال بهذه المناسبة الدينية الهامة، وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة أمريكية بين إسرائيل وحماس. ويعتبر هذا الحدث عودة للحياة الطبيعية في بيت لحم، التي تأثرت بشدة بسبب الأحداث الأخيرة.
عيد الميلاد في بيت لحم: إضاءة شعلة الأمل بعد فترة صعبة
بدأت الاحتفالات الرسمية بوصول البطريرك اللاتيني للقدس، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، في موكب تقليدي من القدس إلى بيت لحم. ودعا الكاردينال إلى “عيد ميلاد مليء بالنور”، مؤكداً على أهمية نشر السلام والمحبة في جميع أنحاء العالم. وأشار إلى أنه يحمل تحيات مجتمع المسيحيين في غزة، حيث أقام قداساً عشية عيد الميلاد.
وقال بيتسابالا أمام حشد كبير في ساحة المهد: “معاً، نقرر أن نكون النور، ونور بيت لحم هو نور العالم”. هذا التصريح يعكس الأهمية الرمزية لبيت لحم كمكان ميلاد السيد المسيح، وكمصدر للأمل والإلهام.
عودة الاحتفالات بعد توقف دام عامين
أعلن ماهر كنواتي، عمدة بيت لحم، في نوفمبر الماضي عن عودة الاحتفالات بعيد الميلاد إلى المدينة. وأكد كنواتي على أن بيت لحم، مدينة السلام، ستشعل مرة أخرى شعلة الأمل وسترفع الصلوات من أجل السلام العالمي. هذا الإعلان جاء بعد فترة طويلة من القيود والظروف الصعبة التي فرضها الصراع.
بدأت فعاليات عيد الميلاد في بيت لحم في السادس من ديسمبر بإضاءة شجرة عيد الميلاد الرئيسية في المدينة، وهي أول شجرة تضاء منذ عام 2022. وقالت راندا بسول، وهي فلسطينية من حيفا، لرويترز: “جئنا للاحتفال والمشاهدة والاستمتاع، لأنه لعدة سنوات لم تتح لنا الفرصة”.
على الرغم من أن السلطة الفلسطينية تحتفظ بسيطرة محدودة على بيت لحم بموجب اتفاقيات أوسلو، إلا أن المدينة شهدت قيوداً كبيرة على الاحتفالات في العامين الماضيين بسبب الحرب في غزة. خلال الحرب، عكست ساحة المهد حالة غزة من خلال مشهد الميلاد الذي يظهر الطفل يسوع محاطاً بالركام والأسلاك الشائكة.
التأثير الاقتصادي للحرب على بيت لحم
عانى قطاع السياحة في بيت لحم بشكل كبير خلال فترة الحرب، مما أدى إلى انخفاض حاد في عدد الزوار. وذكر كنواتي في وقت سابق من هذا الشهر أن معدل البطالة في المدينة ارتفع من 14٪ إلى 65٪، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية. كما ارتفعت نسبة الفقر بشكل ملحوظ، حيث وجد حوالي 4000 شخص أنفسهم يبحثون عن عمل.
السياحة الدينية هي شريان الحياة الاقتصادي لبيت لحم، وتأثرت بشكل كبير بالقيود المفروضة على السفر والظروف الأمنية. الوضع الإنساني في غزة أثر أيضاً على معنويات الزوار وقدرتهم على الاحتفال.
ومع ذلك، فإن عودة الاحتفالات بعيد الميلاد تمثل بارقة أمل للمدينة وسكانها. اتفاق وقف إطلاق النار، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة، سمح بعودة الحياة إلى طبيعتها بشكل تدريجي، وساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية.
على الرغم من أن اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة أمريكية لا يزال قائماً إلى حد كبير، إلا أن كلا الجانبين يتهم الآخر بانتهاك الاتفاقية. أفاد المبعوث الخاص الأمريكي ستيف ويتكوف مؤخراً أن التحضيرات للمرحلة الثانية من الخطة جارية، بعد محادثات رفيعة المستوى في ميامي مع ممثلين عن مصر وقطر وتركيا.
من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة المزيد من الزوار إلى بيت لحم، مما سيساهم في انتعاش الاقتصاد المحلي. ومع ذلك، لا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل المنطقة، ويتعين مراقبة التطورات السياسية والأمنية عن كثب. الخطوة التالية الحاسمة ستكون تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، والتي تتضمن تبادل الأسرى وتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة.






