عقد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر بن إبراهيم الخريّف، اجتماعًا مع نظيره السوري، الدكتور نضال الشعار، في الرياض اليوم، لمناقشة تعزيز الاستثمار الصناعي بين البلدين. يأتي هذا الاجتماع في ظل جهود متزايدة لإعادة بناء العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية سوريا العربية. ويهدف الطرفان إلى استكشاف فرص جديدة لتطوير القطاع الصناعي في كلا البلدين.

الاجتماع، الذي جرى بمقر وزارة الصناعة والثروة المعدنية، ركز على سبل تطوير الشراكات الاستثمارية في مختلف المجالات الصناعية، بما في ذلك الصناعات الغذائية، والدوائية، والبتروكيماوية، والتعدين. وتعد هذه الخطوة مؤشرًا إيجابيًا على عودة الدفء للعلاقات الاقتصادية بعد فترة من التوتر، وفقًا لمحللين اقتصاديين.

تعزيز العلاقات الاقتصادية وفتح آفاق جديدة للاستثمار الصناعي

تعتبر هذه المباحثات بمثابة استكمال لجهود سابقة بذلتها المملكة العربية السعودية لدعم الاقتصاد السوري. وقد شهدت الأشهر الأخيرة مبادرات إقليمية تهدف إلى تخفيف الأزمة الإنسانية والاقتصادية التي تمر بها سوريا. ويرى مراقبون أن الاجتماع يعكس رغبة سعودية في لعب دور محوري في إعادة إعمار سوريا.

القطاعات الصناعية المستهدفة

ركز الاجتماع بشكل خاص على القطاعات التي تمتلك فيها سوريا ميزات تنافسية، مثل الصناعات الغذائية والتعبئة والتغليف. كما تم التطرق إلى إمكانية التعاون في مجال الصناعات الدوائية، والاستفادة من الخبرات السعودية في هذا المجال. بالإضافة إلى ذلك، ناقش الوزيران فرص الاستثمار في قطاع التعدين، الذي يمثل مصدرًا هامًا للدخل القومي السوري.

التحديات التي تواجه الاستثمار في سوريا

على الرغم من التفاؤل الحذر، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه الاستثمار الصناعي في سوريا. تشمل هذه التحديات عدم الاستقرار السياسي والأمني، بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد. ومع ذلك، يعتقد البعض أن هذه العقوبات قد تخفف تدريجيًا مع تحسن الوضع السياسي.

أكد الدكتور نضال الشعار على استعداد سوريا الكامل لتسهيل إجراءات الاستثمار، وتقديم كافة التسهيلات للمستثمرين السعوديين. وأشار إلى أن الحكومة السورية تعمل على إصلاح البيئة الاستثمارية، وتبسيط القوانين والأنظمة المتعلقة بالاستثمار الأجنبي المباشر. هذا التوجه يهدف إلى جذب رؤوس الأموال العربية والأجنبية، وتحفيز النمو الاقتصادي.

من جانبه، أعرب وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي عن ترحيبه بهذه المبادرات، وأكد على حرص المملكة على تعزيز التعاون الاقتصادي مع سوريا في جميع المجالات. وأوضح أن المملكة ترى في سوريا شريكًا اقتصاديًا هامًا، وأنها مستعدة لتقديم الدعم اللازم لإعادة بناء اقتصادها. وتشمل هذه الدعم تقديم قروض ميسرة، ومنح، واستثمارات مباشرة.

تأتي هذه الخطوة في سياق التطورات الإقليمية الأخيرة، والتي تشهد تقاربًا تدريجيًا بين الدول العربية وسوريا. وقد شهدت دمشق في الأشهر الأخيرة زيارات مكثفة من وزراء ومسؤولين عرب، مما يعكس رغبة إقليمية في إعادة دمج سوريا في المجتمع العربي. هذا التقارب يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي والتجاري بين سوريا والدول العربية.

بالإضافة إلى الاستثمار الصناعي، ناقش الوزيران سبل تعزيز التعاون في مجالات التجارة، والنقل، والطاقة. كما تم الاتفاق على تشكيل لجان فنية مشتركة لدراسة المشاريع الاستثمارية المقترحة، ووضع خطط تنفيذية لها. تهدف هذه اللجان إلى تحديد الفرص المتاحة، وتقييم المخاطر المحتملة، وتقديم التوصيات اللازمة.

وتشير التقارير إلى أن حجم التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية وسوريا قد شهد انخفاضًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، بسبب الأزمة السورية والعقوبات الاقتصادية. ومع ذلك، هناك توقعات بأن يشهد التبادل التجاري تحسنًا ملحوظًا في المستقبل القريب، مع عودة الاستقرار السياسي والاقتصادي إلى سوريا. وتعتبر المنتجات الزراعية والصناعية السورية من بين المنتجات التي تحظى بإقبال كبير في السوق السعودية.

تعتبر مبادرة الاستثمار الصناعي المشترك بين السعودية وسوريا خطوة مهمة نحو تحقيق التكامل الاقتصادي العربي. وتأتي في إطار رؤية المملكة العربية السعودية 2030، التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل، وتعزيز القطاع الخاص، وتحقيق التنمية المستدامة. كما تتوافق مع خطط الحكومة السورية لإعادة بناء اقتصادها، وتحسين مستوى معيشة المواطنين.

من المتوقع أن يعقد الجانبان السعودي والسوري اجتماعًا آخر في دمشق خلال الأشهر القليلة القادمة، لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وتقييم التقدم المحرز. وسيتم خلال هذا الاجتماع مناقشة تفاصيل المشاريع الاستثمارية المقترحة، وتحديد آليات التمويل والتنفيذ. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح متى سيتم التوقيع على اتفاقيات استثمارية رسمية بين البلدين، نظرًا للظروف السياسية والاقتصادية المعقدة التي تمر بها سوريا. وسيظل الوضع الإقليمي والتطورات السياسية في سوريا عوامل مؤثرة في مسار هذه المباحثات.

شاركها.