وجه رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الدكتور رشاد العليمي، تحذيراً شديد اللهجة ضد المجلس الانتقالي الجنوبي، متهماً إياه بالسعي لتقويض سلطة الدولة المركزية وخلق سلطة موازية في مناطق نفوذه. جاء هذا التحذير خلال اجتماع مع قيادات وزارة الخارجية ورؤساء البعثات الدبلوماسية اليمنية، وسط تصاعد التوترات حول إدارة المناطق المحررة ومستقبل اليمن السياسي.
التحذير الرئاسي يأتي بعد خطوات اتخذها المجلس الانتقالي في محافظتي حضرموت والمهرة، والتي اعتبرها العليمي إجراءات أحادية تهدد وحدة البلاد. وتعتبر هذه التطورات بمثابة تصعيد كبير في الخلافات القائمة بين المجلس الانتقالي والمكونات الأخرى في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
خلفية الصراع وتصاعد التوترات حول السلطة الموازية
تأسس مجلس القيادة الرئاسي في أبريل 2022 كجزء من جهود لتوحيد الفصائل المناهضة للحوثيين، بدعم من السعودية والإمارات العربية المتحدة. يهدف المجلس إلى تنسيق الجهود لاستعادة السيطرة على اليمن من قبضة جماعة الحوثي، التي تسيطر على مناطق واسعة بما في ذلك العاصمة صنعاء. ضم المجلس في عضويته ممثلين عن مختلف القوى اليمنية، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يطالب بحكم ذاتي أوسع أو استقلال جنوب اليمن.
اتفاق الرياض وتحديات التنفيذ
كان اتفاق الرياض عام 2019 محاولة لتهدئة التوترات بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وتضمن بنوداً لدمج القوات الجنوبية في الجيش الوطني. ومع ذلك، يواجه تنفيذ الاتفاق العديد من العقبات، بما في ذلك الخلافات حول تقاسم السلطة والموارد، بالإضافة إلى عدم الثقة المتبادلة بين الأطراف.
الإجراءات الأخيرة للمجلس الانتقالي
في الآونة الأخيرة، اتخذ المجلس الانتقالي خطوات في حضرموت والمهرة، بما في ذلك تشكيل وحدات عسكرية وإدارية منفصلة، وإصدار بيانات من قبل مؤسسات حكومية محلية تدعم مطالب الاستقلال. هذه الإجراءات أثارت قلق الحكومة اليمنية، التي تعتبرها محاولة لفرض واقع جديد وتقويض سلطتها.
تداعيات محتملة على الأمن الإقليمي والإنساني
حذر الدكتور العليمي من أن أي انقسام في المعسكر الحكومي سيعود بالفائدة على الحوثيين، الذين قد يستغلون الفوضى لتعزيز سيطرتهم. وأشار إلى أن تصعيد التوترات قد يؤدي إلى صراع داخلي جديد، مما سيفاقم الأزمة الإنسانية الحادة التي يعاني منها اليمن، حيث يحتاج ملايين الأشخاص إلى المساعدة العاجلة.
بالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر عدم الاستقرار في محافظات حضرموت والمهرة على الأمن الإقليمي، حيث تقع هذه المناطق على طرق شحن حيوية. وتشكل هذه المناطق أهمية استراتيجية كبيرة بسبب موقعها على الممرات المائية الدولية، مما يجعلها عرضة للتدخلات الخارجية.
موقف الحكومة اليمنية والتركيز على الوحدة
أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رفضه القاطع لأي محاولة لتقويض الدولة اليمنية، مشدداً على أن القضية الجنوبية هي قضية سياسية وحقوقية يجب حلها من خلال الحوار والتفاوض. ودعا إلى تحصين مؤسسات الدولة ومنع تسييسها، وإعادة توجيه الجهود نحو استعادة الأمن والاستقرار في جميع أنحاء اليمن.
وشدد العليمي على أن أي حلول يجب أن تكون ضمن إطار المرجعيات المتفق عليها، بما في ذلك إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض. كما دعا إلى دعم جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية، مع الأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف.
وتشير التقارير إلى أن الحكومة اليمنية تسعى إلى إيجاد حلول وسط تلبي مطالب المجلس الانتقالي الجنوبي، مع الحفاظ على وحدة البلاد وسيادتها. وتعتبر قضية تقاسم الثروة والسلطة من أهم القضايا التي يجب حلها من أجل تحقيق الاستقرار في اليمن.
من جهة أخرى، يرى مراقبون أن المجلس الانتقالي الجنوبي قد يصر على تحقيق مطالب أكثر طموحاً، بما في ذلك الحصول على حكم ذاتي واسع أو استقلال كامل. وهذا قد يزيد من صعوبة التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية.
في الوقت الحالي، من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيداً من المشاورات والتحركات الدبلوماسية، بهدف احتواء التوترات وتجنب أي تصعيد عسكري. وستراقب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن كثب التطورات في اليمن، في محاولة لتقديم الدعم اللازم للتوصل إلى حل سلمي للأزمة. يبقى مستقبل اليمن معلقاً على قدرة الأطراف اليمنية على التوصل إلى توافق حول مستقبل البلاد، مع الأخذ في الاعتبار التحديات الأمنية والإنسانية المعقدة التي تواجهها.






