يسعى العراق إلى تعزيز مكانته في سوق النفط العالمي من خلال زيادة إنتاجه اليومي بحوالي 300 ألف برميل. وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود بغداد لزيادة الإيرادات النفطية والاستفادة القصوى من حصتها في منظمة “أوبك”. تشير التقديرات إلى أن هذه الزيادة في إنتاج النفط يمكن أن تدر على البلاد ما يصل إلى 10 مليارات دولار إضافية سنوياً.
أعلن المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، مظهر صالح، عن هذا الطموح الثلاثاء الماضي، مؤكداً حرص العراق على تنفيذ الزيادة بشكل تدريجي ومدروس. ويهدف العراق إلى الحصول على موافقة أوبك+ لضمان عدم تأثير هذه الزيادة على استقرار أسعار النفط في السوق العالمية. يأتي هذا الإعلان في وقت يشهد فيه العراق تحسناً في إنتاجه وتصديره من النفط.
زيادة إنتاج النفط العراقي: الأهداف والتوقعات
يستند سعي العراق لزيادة حصته في إنتاج النفط إلى عدة عوامل. من أبرزها الحاجة إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للإيرادات، بالإضافة إلى تمويل مشاريع إعادة الإعمار والتنمية في البلاد. يُعد قطاع النفط القطاع الأكبر مساهمة في الاقتصاد العراقي.
الوضع الحالي لإنتاج النفط في العراق
حقق العراق نمواً ملحوظاً في إنتاجه النفطي خلال الأشهر الأخيرة، حيث تجاوزت الكميات المنتجة في بعض الأيام أربعة ملايين برميل يومياً. يأتي هذا النمو بفضل الاستثمارات في حقول النفط الجنوبية وزيادة الإنتاج من الحقول الجديدة. ومع ذلك، لا يزال العراق يواجه تحديات في الحفاظ على هذا المستوى من الإنتاج، بما في ذلك تحديات البنية التحتية وتقلبات الأسعار.
وفقاً لتقارير وزارة النفط العراقية، فإن الزيادة المقترحة في الإنتاج ستعتمد على قدرة البلاد على تطوير البنية التحتية لتصدير النفط، بما في ذلك خطوط الأنابيب والموانئ. كما ستأخذ في الاعتبار التزامات العراق بموجب اتفاقيات أوبك+.
تعتبر الزيادة في إنتاج النفط ذات أهمية خاصة في ظل ارتفاع الطلب العالمي على الطاقة. وتشير التوقعات إلى أن الطلب على النفط سيستمر في النمو في السنوات القادمة، مما يوفر فرصاً للعراق لزيادة إيراداته النفطية. أسعار النفط العالمية تلعب دوراً حاسماً في تحديد جدوى هذه الزيادة.
صرح مظهر صالح بأن الزيادة ستكون “تدريجية ومحدودة”، تتراوح بين 150 و300 ألف برميل يومياً، مع إمكانية تجاوز ذلك. وأضاف أن هذه الزيادة لن تهدد توازن السوق إذا تم تنفيذها ضمن إطار الزيادات الجماعية التي تقرها أوبك+. هذا التأكيد يهدف إلى طمأنة الشركاء في أوبك+ بشأن التزام العراق بالحفاظ على استقرار السوق.
تصدير النفط العراقي يواجه بعض العقبات اللوجستية، بما في ذلك محدودية القدرة الاستيعابية للموانئ. تسعى الحكومة العراقية إلى معالجة هذه العقبات من خلال الاستثمار في تطوير البنية التحتية وزيادة كفاءة العمليات اللوجستية. كما تعمل على تنويع طرق التصدير لتقليل الاعتماد على مسارات محددة.
بالإضافة إلى زيادة الإنتاج، يركز العراق على جذب الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع النفط. وقد أطلقت الحكومة العراقية عدة مبادرات لتشجيع الاستثمار في هذا القطاع، بما في ذلك تقديم حوافز ضريبية وتسهيل الإجراءات الإدارية. الاستثمار الأجنبي ضروري لتطوير حقول النفط وزيادة الإنتاج.
في المقابل، يراقب خبراء الطاقة عن كثب تأثير زيادة الإنتاج العراقي على أسعار النفط العالمية. ويرى البعض أن الزيادة قد تؤدي إلى انخفاض الأسعار، خاصة إذا لم يكن هناك زيادة مقابلة في الطلب. بينما يعتقد آخرون أن الزيادة ستكون محدودة ولن يكون لها تأثير كبير على السوق.
تعتبر العلاقة مع دول أوبك+ حجر الزاوية في استراتيجية العراق النفطية. ويسعى العراق إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع هذه الدول لضمان الحصول على دعم لمشاريعها النفطية. كما يحرص على الالتزام بتعهداته بموجب اتفاقيات أوبك+. أوبك+ هي مجموعة تضم دول أوبك وبعض الدول المنتجة للنفط الأخرى، مثل روسيا.
من المتوقع أن يناقش العراق طلبه لزيادة الإنتاج خلال الاجتماع القادم لأوبك+. وسيعتمد قرار الموافقة على الزيادة على عدة عوامل، بما في ذلك تقييم أوبك+ للوضع الحالي في السوق وتوقعاتها للطلب المستقبلي. قد تطلب أوبك+ من العراق تقديم خطة مفصلة لتنفيذ الزيادة والحد من تأثيرها على السوق. تعتبر هذه الاجتماعات فرصة للعراق لعرض رؤيته وتطلعاته في قطاع النفط.






