تصاعدت التوترات في مدينة حلب شمال سوريا، حيث اندلعت اشتباكات مسلحة بين قوات الأمن السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) يوم 22 ديسمبر 2025. وتأتي هذه الاشتباكات في ظل اتهامات متبادلة ببدء الهجوم، وتثير مخاوف بشأن مستقبل الاستقرار في المنطقة واحتمالات عرقلة تنفيذ اتفاق العاشر من مارس. وتعتبر هذه الأحداث تطوراً خطيراً في سياق الأوضاع الأمنية المتغيرة في سوريا.

أفاد المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، بأن قوات قسد تسعى إلى جر الحكومة السورية إلى مواجهة عسكرية في حلب، مؤكداً التزام دمشق بضبط النفس والسعي إلى حلول سياسية على الرغم من التصعيد الميداني المتعمد واستهداف المدنيين. وذكر البابا أن قوات الأمن رصدت نشاطاً عدائياً لقوات قسد قبل الاشتباكات، وتم التعامل معه وإحباطه، إلا أن القوات انسحبت لاحقاً من الحواجز المشتركة وقامت باستهدافها.

أسباب التصعيد في حلب

يرى مراقبون أن هناك عدة عوامل ساهمت في تصاعد التوترات في حلب. أولاً، اللقاء السوري التركي الأخير في دمشق، والذي ناقش قضايا أمنية وسياسية مشتركة. ثانياً، الفعالية الشعبية لجمع التبرعات لإعادة إعمار حلب، والتي اعتبرت دمشق أنها تعكس حالة من الارتياح العام. وتشير التقارير إلى أن قوات قسد قد استغلت هذه التطورات لتعزيز موقفها التفاوضي.

اتهامات متبادلة واستهداف المدنيين

تبادل الطرفان الاتهامات ببدء الهجوم. تتهم قوات قسد القوات الحكومية ببدء القصف، بينما تؤكد الحكومة السورية أن قوات قسد هي من بدأت بإطلاق النار على الحواجز المشتركة واستهداف الأحياء السكنية. وأفادت مصادر طبية بمقتل وإصابة مدنيين نتيجة القصف، بينما أعلنت قوات قسد عن سقوط ضحايا في صفوفها أيضاً.

أشار المتحدث باسم الداخلية السورية إلى أن 6 من الإصابات المسجلة على الأقل تعود لعناصر من الدفاع المدني السوري، الذين تعرضوا لإطلاق نار مباشر أثناء قيامهم بمهامهم، معتبراً ذلك انتهاكاً صارخاً لقواعد حماية المدنيين والطواقم الإنسانية.

الوضع الأمني وتداعياته

تسبب التصعيد في حلب في حالة من الذعر بين السكان المحليين، وتوقف حركة المرور في الأحياء المتضررة. كما أدى إلى إغلاق بعض المدارس والمستشفيات، وتعطيل الخدمات الأساسية. وتشير التقديرات الأولية إلى أن الأضرار المادية كبيرة، وأن هناك حاجة ماسة إلى تدخل عاجل لتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين.

وتأتي هذه الاشتباكات في وقت تشهد فيه سوريا جهوداً دولية مكثفة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة. وتعتبر حلب من أهم المدن السورية، وتلعب دوراً حيوياً في الاقتصاد السوري.

اتفاق العاشر من مارس والآفاق المستقبلية

يأتي هذا التصعيد في ظل الحديث عن صعوبات في تنفيذ اتفاق العاشر من مارس، الذي يهدف إلى دمج قوات قسد في الجيش السوري وبسط سيطرة الدولة على شمال شرق البلاد. وأكد المتحدث باسم الداخلية السورية أن الحكومة السورية ملتزمة بالاتفاق حتى نهاية العام الجاري، لكنها لم تلمس إرادة جدية من قوات قسد لتنفيذه.

وتشير التوقعات إلى أن الوضع في حلب قد يشهد مزيداً من التوتر في الأيام القادمة، ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي يرضي جميع الأطراف. ومن المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية للوساطة بين الحكومة السورية وقوات قسد، بهدف احتواء الأزمة ومنع المزيد من التصعيد.

يبقى مستقبل حلب غير واضح، ويتوقف على قدرة الأطراف المعنية على التوصل إلى اتفاق يضمن الاستقرار والأمن للمدينة وسكانها. وستظل الأوضاع الأمنية في سوريا محل متابعة دقيقة من قبل المجتمع الدولي.

شاركها.