أعلنت هيئة تقويم التعليم والتدريب عن إنجازات كبيرة في مجال الاعتماد البرامجي للمؤسسات التعليمية في المملكة العربية السعودية. حيث أصدرت الهيئة خلال عام 2025م أكثر من 500 قرار اعتماد لبرامج أكاديمية مختلفة، مما ساهم في رفع نسبة البرامج المعتمدة إلى 44% على مستوى المملكة. يمثل هذا التقدم خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية المملكة 2030 في تطوير جودة التعليم العالي.
وقد صرح الدكتور بندر بن عبدالرحمن الخيال، المدير العام للاعتماد البرامجي بالهيئة، بأن عدد المؤسسات الأكاديمية الحكومية والأهلية التي حصلت على الاعتماد بلغ 51 مؤسسة، وهو ما يمثل 76% من إجمالي مؤسسات التعليم العالي في البلاد. يأتي هذا الإعلان في سياق جهود الهيئة المستمرة لضمان جودة المخرجات التعليمية ومواءمتها مع احتياجات سوق العمل.
أهمية الاعتماد البرامجي في تطوير التعليم العالي
يعتبر الاعتماد البرامجي عملية تقييمية شاملة للبرامج الأكاديمية في المؤسسات التعليمية، تهدف إلى التأكد من أنها تلبي معايير الجودة الوطنية والدولية. وتشمل هذه المعايير جوانب متعددة مثل المناهج الدراسية، وأعضاء هيئة التدريس، والمرافق التعليمية، والعمليات الإدارية. تعتبر هذه العملية ضرورية لتعزيز الثقة في جودة التعليم المقدم للطلاب.
معايير الاعتماد والتقييم
تعتمد هيئة تقويم التعليم والتدريب على مجموعة من المعايير الصارمة عند تقييم البرامج الأكاديمية. تشمل هذه المعايير تحديد الأهداف التعليمية للبرنامج، وتقييم مدى تحقيق هذه الأهداف، وضمان وجود نظام فعال لتقييم أداء الطلاب. بالإضافة إلى ذلك، يتم تقييم مدى ملاءمة المناهج الدراسية لاحتياجات سوق العمل والتطورات العلمية والتكنولوجية.
وفقًا للهيئة، فإن عملية الاعتماد لا تقتصر على تقييم الجوانب الأكاديمية فحسب، بل تشمل أيضًا تقييم البيئة التعليمية والموارد المتاحة للطلاب. ويشمل ذلك توفير المكتبات والمختبرات والمرافق الرياضية والترفيهية، بالإضافة إلى توفير الدعم الأكاديمي والإرشاد الطلابي. هذه العوامل مجتمعة تساهم في خلق بيئة تعليمية محفزة وداعمة للطلاب.
تأتي هذه الجهود في إطار سعي المملكة لتحسين ترتيب مؤسساتها التعليمية على المستوى العالمي. فقد شهدت الجامعات السعودية تقدمًا ملحوظًا في التصنيفات العالمية خلال السنوات الأخيرة، ويعزى ذلك بشكل كبير إلى جهودها في الحصول على الاعتماد الأكاديمي وتحسين جودة برامجها التعليمية. وتسعى الهيئة إلى مواصلة دعم هذه الجهود لتعزيز مكانة التعليم العالي في المملكة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الحصول على الاعتماد البرامجي يتيح للمؤسسات التعليمية تقديم برامجها للطلاب بشكل رسمي وقانوني. كما أنه يعزز فرص توظيف الخريجين في سوق العمل، حيث يفضل أصحاب العمل توظيف الخريجين من البرامج المعتمدة. وهذا يعكس أهمية الاعتماد البرامجي في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة.
وحول دور الاعتماد في تطوير المهارات، أشارت تقارير سابقة إلى أن البرامج المعتمدة غالبًا ما تركز بشكل أكبر على تطوير المهارات العملية والوظيفية لدى الطلاب. ويتم ذلك من خلال توفير فرص التدريب العملي والتعاون مع القطاع الخاص، بالإضافة إلى استخدام أساليب التدريس الحديثة والتفاعلية. هذا يساعد الخريجين على أن يكونوا أكثر استعدادًا لمواجهة تحديات سوق العمل والمساهمة في تحقيق رؤية المملكة.
هذه الزيادة في الاعتماد البرامجي تعكس أيضًا جهود الهيئة في تبسيط إجراءات الاعتماد وتسهيلها على المؤسسات التعليمية. وقد قامت الهيئة بإطلاق عدد من المبادرات والمشاريع التي تهدف إلى تطوير نظام الاعتماد وتحسين أدائه. كما أنها تعمل على توفير الدعم الفني والإداري للمؤسسات التعليمية لمساعدتها على الحصول على الاعتماد.
في سياق متصل، تشهد المملكة تطورات متسارعة في مجال التعليم الخاص، حيث تزايد عدد المؤسسات التعليمية الخاصة التي تقدم برامج أكاديمية متنوعة. وتخضع هذه المؤسسات أيضًا لعملية الاعتماد من قبل هيئة تقويم التعليم والتدريب، لضمان جودة التعليم المقدم للطلاب. وتسعى الهيئة إلى تطبيق معايير الجودة نفسها على جميع المؤسسات التعليمية، سواء كانت حكومية أو أهلية.
ومع ذلك، لا يزال هناك تحديات تواجه عملية الاعتماد البرامجي في المملكة. من بين هذه التحديات نقص الكفاءات المتخصصة في مجال الاعتماد، وصعوبة تطبيق معايير الجودة على بعض البرامج الأكاديمية المتخصصة. كما أن هناك حاجة إلى تطوير نظام الاعتماد بشكل مستمر لمواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية.
من المتوقع أن تستمر هيئة تقويم التعليم والتدريب في جهودها لزيادة عدد البرامج والمؤسسات المعتمدة في المملكة. وتستهدف الهيئة الوصول إلى نسبة 60% من البرامج المعتمدة بحلول عام 2030. كما أنها تعمل على تطوير نظام التقويم الذاتي للمؤسسات التعليمية، لتمكينها من تقييم أدائها بشكل مستمر وتحسين جودة برامجها. وستشمل الخطوات القادمة مراجعة شاملة لمعايير الاعتماد وتحديثها بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، بالإضافة إلى زيادة التعاون مع المؤسسات التعليمية والقطاع الخاص لتعزيز جودة التعليم.






