يواصل العلماء التقدم في مجال أبحاث الأعصاب من خلال تطوير اختبارات جديدة للكشف المبكر عن مرض ألزهايمر قبل ظهور الأعراض السريرية المعتادة. وتركز هذه الاختبارات على قياس كيفية استخدام الدماغ للسكر، وهو مؤشر يمكن أن يكشف عن التغيرات التي تسبق التدهور المعرفي وفقدان الذاكرة المرتبط بالمرض بسنوات.
وتشير التقارير الحديثة إلى أن الباحثين يعملون على اختبار غير جراحي يراقب اضطرابات استقلاب الجلوكوز في الدماغ. هذه الاضطرابات تعتبر من العلامات المبكرة الرئيسية لمرض ألزهايمر، وقد تظهر قبل سنوات من التشخيص التقليدي. هذا التقدم يعزز الأمل في تدخلات علاجية أكثر فعالية.
قياس طاقة الدماغ بدل انتظار الأعراض
تُظهر الأبحاث أن خلايا الدماغ لدى الأفراد المصابين بـ ألزهايمر تبدأ في فقدان قدرتها على معالجة الجلوكوز بفاعلية في مراحل مبكرة جدًا من المرض. يهدف الاختبار الجديد إلى تحليل جزيئات صغيرة تسمى الحويصلات خارج الخلوية، والتي تحمل مؤشرات عن النشاط الأيضي للخلايا العصبية وتنتقل من الدماغ إلى مجرى الدم.
وصف الباحثون هذا النهج بأنه يشبه إلى حد كبير أخذ “خزعة دماغ غير جراحية”، حيث يمكن رصد التغيرات الوظيفية في الدماغ من خلال فحص دم بسيط. هذا بديل واعد للطرق التشخيصية التقليدية التي غالبًا ما تكون مكلفة أو تتطلب إجراءات تدخلية.
اختبارات دم تدخل المشهد الطبي
شهد عام 2025 موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) على أول اختبار دم للمساعدة في تشخيص مرض ألزهايمر. يعتمد هذا الاختبار على قياس مؤشرات حيوية مرتبطة ببروتينات الأميلويد والتاو، وهما من السمات البيولوجية المميزة للمرض. هذه الخطوة تنظيمية مهمة تعزز استخدام الاختبارات التشخيصية الجديدة.
وفقًا لبيانات جمعية الزهايمر الأميركية، فإن هذه الاختبارات ليست بديلاً عن التقييمات السريرية الشاملة. بل هي أداة إضافية مهمة، خاصةً في المراحل الأولى من الاشتباه بالمرض، ويمكن أن تساهم في توسيع نطاق التشخيص ليشمل الرعاية الصحية الأولية.
عوامل خطر تظهر مبكرا
تشير دراسات حديثة إلى وجود ارتباط بين بعض العوامل الصحية، مثل السمنة وزيادة الوزن، وظهور المؤشرات البيولوجية المرتبطة بمرض ألزهايمر في الدم. وقد يحدث هذا حتى قبل ظهور أي أعراض إدراكية واضحة. يشير هذا إلى أن نمط الحياة الصحي قد يكون له دور في الوقاية أو تأخير تطور المرض.
يرى الخبراء في المعاهد الوطنية للصحة الأميركية (NIH) أن الكشف المبكر عن ألزهايمر قد يفتح الباب أمام تدخلات علاجية أكثر فعالية في مراحل مبكرة، مما قد يبطئ أو يوقف تقدم المرض. كما يمنح المرضى وأسرهم الوقت الكافي للتخطيط الطبي والنفسي والاجتماعي.
بالإضافة إلى ذلك، قد يساعد التشخيص المبكر في تحديد المرضى المناسبين للمشاركة في التجارب السريرية للأدوية الجديدة، والتي تهدف إلى علاج أسباب المرض بدلًا من مجرد تخفيف الأعراض. تشمل مجالات البحث الواعدة تطوير علاجات تستهدف بروتينات الأميلويد والتاو، وتعزيز الوظائف الإدراكية.
وعلى الرغم من أن هذه الاختبارات لا تزال قيد التطوير والتقييم السريري، فإن الخبراء يتفقون على أنها تمثل تطورًا هامًا في فهم ألزهايمر كمرض يبدأ بصمت داخل الدماغ قبل سنوات من ظهوره.
يتوقع الباحثون أن الجمع بين اختبارات الدم، وتحليل استقلاب السكر في الدماغ، وغيرها من المؤشرات الحيوية سيؤدي إلى تطوير نماذج تشخيصية أكثر دقة وسهولة في الاستخدام في المستقبل القريب. سيستمر البحث والتطوير لتحسين هذه الاختبارات وزيادة فعاليتها.






