أعربت كوريا الشمالية عن قلقها البالغ إزاء التوجهات الأخيرة في اليابان التي تشير إلى إمكانية تطوير قدرات نووية، محذرة من أن أي سعي لامتلاك أسلحة نووية من قبل طوكيو يجب أن يُكبح تمامًا. جاء هذا التحذير في أعقاب تصريحات يابانية بدأت تتزايد وتدعو إلى “مراجعة المبادئ الثلاثة غير النووية”، وهو ما يثير مخاوف بشأن تغيير محتمل في السياسة الدفاعية اليابانية. وتأتي هذه التطورات في سياق أوسع من التوترات الإقليمية المتزايدة.

موقف كوريا الشمالية من التسلح النووي الياباني

وصفت كوريا الشمالية سعي اليابان المحتمل نحو التسلح النووي بأنه خطير وغير مسؤول. وذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية (KCNA) أن مسؤولًا في وزارة الخارجية الكورية الشمالية انتقد بشكل خاص الدعوات اليابانية لمناقشة إمكانية امتلاك أسلحة نووية، قائلاً إنها تمثل تحولًا مقلقًا في الموقف الرسمي. ووفقًا للوكالة، فإن هذه التصريحات ازدادت وتيرة بعد موافقة الولايات المتحدة على دعم كوريا الجنوبية في بناء غواصة نووية.

تداعيات موافقة الولايات المتحدة

تشير التقارير إلى أن قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالموافقة على بناء كوريا الجنوبية غواصة نووية، خلال زيارته لسول في أكتوبر الماضي، قد دفع اليابان إلى إعادة تقييم موقفها من الأسلحة النووية. ويعتقد البعض أن هذا التطور أثار مخاوف في طوكيو بشأن الحفاظ على التوازن الاستراتيجي في المنطقة. تعتبر كوريا الجنوبية، بحسب بعض التحليلات، أن تعزيز قدراتها العسكرية، بما في ذلك تطوير غواصة نووية، ضروريًا لردع التهديدات المتزايدة من كوريا الشمالية.

وانتقدت صحيفة رودونغ سينمون، وهي نشرة إخبارية رسمية في كوريا الشمالية، علنًا هذه المراجعة للمبادئ الثلاثة المناهضة للأسلحة النووية، والتي التزمت بها اليابان لعقود. وترى الصحيفة أن هذا التحول يهدد الاستقرار الإقليمي ويعكس رغبة اليابان في تعزيز قوتها العسكرية. وتشير التغطية الإعلامية الكورية الشمالية إلى أن البلاد تنظر إلى التسلح النووي الياباني على أنه تهديد مباشر لأمنها القومي.

لماذا هذا التوتر؟ السياق الإقليمي

تعود جذور هذه التوترات إلى الخلافات التاريخية والجيوسياسية في المنطقة. لطالما كانت كوريا الشمالية واليابان على خلاف بشأن قضايا مثل الحقوق التاريخية والبرنامج النووي لكوريا الشمالية. إضافة إلى ذلك، وجود القوات الأمريكية في كل من كوريا الجنوبية واليابان يساهم في تعقيد المشهد الأمني. كما أن تصاعد التوترات بين الصين والولايات المتحدة، وسباق التسلح المتزايد في المنطقة، يضيف طبقات إضافية من عدم اليقين.

وعلى الرغم من أن اليابان ملتزمة منذ فترة طويلة بعدم امتلاك أسلحة نووية بموجب دستورها و”المبادئ الثلاثة غير النووية”، إلا أن بعض السياسيين اليابانيين بدأوا في طرح أسئلة حول مدى فعالية هذا الموقف في مواجهة التهديدات المتزايدة. هناك نقاش متزايد حول الحاجة إلى تطوير قدرات ردع أقوى، بما في ذلك استكشاف خيار امتلاك أسلحة نووية. وقد أدى هذا النقاش إلى زيادة التدقيق في السياسة الدفاعية اليابانية، وإلى مخاوف متزايدة من جيرانها.

بالإضافة إلى التسلح النووي، تشمل القدرات العسكرية اليابانية قوة بحرية متطورة، وقوات جوية حديثة، وجيش بري مدرب جيدًا. وتسعى اليابان باستمرار إلى تحديث قواتها المسلحة وتعزيز قدراتها الدفاعية. ويرى البعض أن هذه التحديثات تهدف إلى مواجهة التهديدات المتزايدة من كوريا الشمالية والصين، بينما يرى آخرون أنها قد تؤدي إلى سباق تسلح إقليمي.

وتشكل الأمن الإقليمي مصدر قلق متزايد بالنسبة للعديد من البلدان في المنطقة، بما في ذلك كوريا الجنوبية والصين وروسيا. تسعى هذه البلدان إلى الحفاظ على الاستقرار وتجنب الصراع، ولكنها تختلف في وجهات النظرها حول كيفية تحقيق ذلك. يؤكد العديد من المراقبين على أهمية الحوار والتعاون في إدارة التوترات الإقليمية.

في الوقت الحالي، لا يوجد ما يشير إلى أن اليابان قد اتخذت قرارًا نهائيًا بشأن تطوير أسلحة نووية. ومع ذلك، فإن استمرار النقاش حول هذا الموضوع، بالإضافة إلى التوترات الإقليمية المتزايدة، يشير إلى أن الوضع قد يتطور بشكل أكبر في المستقبل القريب. من المتوقع أن تواصل كوريا الشمالية مراقبة التطورات في اليابان عن كثب، وأن تعرب عن قلقها إذا رأت أي خطوات ملموسة باتجاه التسلح النووي.

شاركها.