كشف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو اليوم الجمعة أن واشنطن ستصدر على الأرجح بعض الإعلانات بشأن جماعة الإخوان المسلمين الأسبوع المقبل، وذلك في ظل تصاعد الضغوط لتصنيفها كمنظمة إرهابية. يأتي هذا الإعلان بعد خطوات مماثلة اتخذتها ولايتا فلوريدا وتكساس بتصنيف الجماعة ومنظمة العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) كمنظمات إرهابية، مما أثار جدلاً واسعاً.
وجاء تصريح روبيو خلال مؤتمر صحفي سنوي بنهاية العام في مقر وزارة الخارجية بالعاصمة واشنطن، حيث لم يقدم تفاصيل إضافية حول طبيعة هذه الإعلانات المتوقعة. ومع ذلك، يشير هذا الإعلان إلى أن الإدارة الأميركية تدرس بجدية اتخاذ إجراءات أكثر صرامة تجاه الجماعة وأذرعها المختلفة.
الخطوات الأخيرة وتصاعد الضغوط حول الإخوان المسلمين
في التاسع من ديسمبر الجاري، أعلنت ولاية فلوريدا إدراج مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) وجماعة الإخوان المسلمين ضمن قائمة “المنظمات الإرهابية الأجنبية” على مستوى الولاية. هذه الخطوة، التي اتخذت بشكل مستقل عن الحكومة الفدرالية، أثارت نقاشاً حاداً حول مدى تأثيرها على أنشطة هذه المنظمات داخل الولاية.
وبالمثل، أعلنت ولاية تكساس الشهر الماضي تصنيفها لجماعة الإخوان المسلمين ومجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) “منظمتين إرهابيتين أجنبيتين ومنظمتين إجراميتين عابرتين للحدود”. يسمح هذا التصنيف للمدعي العام برفع دعاوى قضائية لإغلاق المنظمتين ويمنعهما من شراء أو امتلاك أراض في الولاية.
خلفية تأسيس مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير)
تأسست “كير” عام 1994، وتعتبر من أبرز المؤسسات المدافعة عن الحقوق المدنية للمسلمين في الولايات المتحدة. تمتلك المنظمة أكثر من 25 فرعًا في جميع أنحاء البلاد، وتنشط في مجالات متنوعة، بما في ذلك مكافحة التمييز وقضايا الهجرة والتعليم.
ويأتي تصنيف الولايتين بناءً على اتهامات تتعلق بصلات محتملة للإخوان المسلمين بأنشطة إرهابية ودعم جماعات متطرفة. ومع ذلك، يرى البعض أن هذه الخطوة تمثل تجاوزًا للسلطة وأنها قد تنتهك الحريات المدنية.
أمر تنفيذي سابق وأثر التصنيف المحتمل
في الشهر الماضي، وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يلزم إدارته بتحديد ما إذا كان سيتم تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين، مثل تلك الموجودة في لبنان ومصر والأردن، “منظمات إرهابية أجنبية ومنظمات إرهابية عالمية ذات تصنيف خاص”. يهدف هذا الأمر إلى تقييم مدى تهديد هذه الفروع للأمن القومي الأميركي.
ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن الرئيس الأميركي لا يملك سلطة التصنيف القانوني الكامل بمفرده. وفقًا للقانون الأميركي، يترتب على وزير الخارجية الأميركي وحده صلاحية تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية، بعد التشاور مع المدعي العام ووزير الخزانة، ويتطلب ذلك إخطار الكونغرس رسميًا ونشر القرار في السجل الفدرالي.
وكان روبيو قد صرح سابقًا في أغسطس الماضي أنه “بينما تمثل جماعة الإخوان المسلمين قلقًا خطيرًا”، فإن عملية تصنيفها كمنظمة إرهابية على المستوى الفدرالي قد تكون معقدة بسبب المتطلبات القانونية الصارمة التي تلزم الحكومة بتقديم أدلة دامغة تدعم هذا التصنيف. بعض الخبراء في مكافحة الإرهاب يعتقدون أن هذه الإجراءات قد تكون ذات تأثير محدود على أرض الواقع.
في حال تم تصنيف الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية من قبل الحكومة الفدرالية، فإن ذلك سيؤدي إلى تجميد أصولها داخل الولايات المتحدة وحظر السفر لأعضائها، بالإضافة إلى قيود قانونية على تمويل أنشطتها. هذا التصنيف قد يؤثر بشكل كبير على قدرة الجماعة على العمل دوليًا، ولكنه قد يثير أيضًا انتقادات من قبل بعض الحلفاء الذين يعتبرون الإخوان المسلمين جزءًا من المشهد السياسي في بلدانهم.
بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي تصنيف الإخوان المسلمين إلى إعادة تقييم العلاقات بين الولايات المتحدة والدول التي تعتبر الجماعة شريكًا سياسيًا، مثل قطر. قد تتطلب هذه الخطوة إعادة النظر في اتفاقيات التعاون الأمني والاقتصادي مع هذه الدول. ويتوقع مراقبون أن الملف الأمني سيظل محور النقاشات الدبلوماسية في الفترة القادمة.
الخطوات المستقبلية وما يجب مراقبته
من المتوقع أن تصدر وزارة الخارجية الأميركية إعلاناتها حول جماعة الإخوان المسلمين الأسبوع المقبل. من غير الواضح ما إذا كانت هذه الإعلانات ستشمل تصنيفًا رسميًا للجماعة كمنظمة إرهابية أم مجرد خطوات إضافية للتحقيق في أنشطتها. سيكون من المهم مراقبة ردود الفعل من قبل الكونغرس والحلفاء والمنظمات الحقوقية على أي قرارات تتخذها الإدارة الأميركية. يبقى مستقبل جماعة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة، وتأثير هذه التطورات على السياسة الخارجية الأميركية، أمرًا غير مؤكد.






