دعا الدكتور ريتشارد فولك، المقرر الأممي السابق المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، إلى تسريع الجهود الدولية للوصول إلى المرحلة الثانية من اتفاقية شرم الشيخ، معرباً عن قلقه البالغ من استمرار الانتهاكات الجسيمة التي يصفها البعض بأنها تصل إلى حد الإبادة الجماعية في غزة والضفة الغربية. وأضاف فولك أن وتيرة المفاوضات الحالية لا تتناسب مع تدهور الأوضاع الإنسانية الحاد.

تأكيد الحاجة إلى الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاقية شرم الشيخ

أشار فولك، في تصريحات له، إلى أن اتفاقية شرم الشيخ تمثل خطوة أولى مهمة، لكنها غير كافية بمفردها لحل الأزمة المتفاقمة. وشدد على ضرورة الانتقال السريع إلى المرحلة الثانية التي تتضمن آليات واضحة لوقف إطلاق النار بشكل دائم وتحقيق المصالحة الفلسطينية. وتأتي هذه الدعوة في ظل استمرار القتال بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، مما أدى إلى أزمة إنسانية حادة وارتفاع أعداد الضحايا.

تدهور الأوضاع الإنسانية كعائق أمام التقدم السياسي

وفولك يرى أن التدهور المستمر في الأوضاع الإنسانية في الأراضي الفلسطينية يعيق أي تقدم سياسي حقيقي. وأضاف أن توفير المساعدات الإنسانية العاجلة ضروري، ولكنه يجب أن يكون مكملاً وليس بديلاً عن حل سياسي شامل. كما لفت إلى أن القلق الدولي يجب أن يتركز على محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، وضمان حماية المدنيين.

وحول العلاقة بين الجهود الدبلوماسية والأوضاع على الأرض، قال فولك إن على المجتمع الدولي أن يربط بين التحركات الدبلوماسية وبين تحقيق وقف للإبادة الجماعية وفتح معابر لإدخال المساعدات. وأوضح أن مجرد الدعوات والبيانات ليست كافية، بل يجب ترجمة الضغوط الدولية إلى إجراءات ملموسة تنهي المعاناة الفلسطينية. وتشمل هذه الإجراءات فرض عقوبات على المسؤولين عن انتهاكات القانون الدولي، وتوفير حماية دولية للمدنيين الفلسطينيين.

وأعرب عن خشيته من أن إسرائيل قد تسعى إلى فرض شروطها الخاصة في المرحلة الثانية من المفاوضات، مما يقوض فرص تحقيق سلام عادل ودائم. وأشار إلى أن إسرائيل لم تُبدِ استعداداً حقيقياً لفتح صفحة جديدة مع الشعب الفلسطيني، وهو ما يهدد بانتكاس الجهود الدولية. في المقابل تشدد بعض المصادر الإسرائيلية على ضرورة ضمان أمنها القومي قبل أي تنازلات محتملة.

وينتقد فولك بشدة صمت المجتمع الدولي وتخاذله في اتخاذ إجراءات فعالة لوقف ما وصفه بالجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني. ويؤكد أن القانون الدولي يفرض التزامات واضحة على جميع الدول لضمان حماية المدنيين ومنع الإبادة الجماعية. ودعا الدول الكبرى إلى ممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل لوقف انتهاكاتها والالتزام بالقانون الدولي. وإضافةً إلى ذلك، يرى أن هناك حاجة إلى إعادة النظر في دور الوسيط الدولي، وتعيين وسيط يتمتع بثقة الطرفين.

في سياق متصل، تزايدت الدعوات الدولية إلى تحقيق العدالة وتقديم المسؤولين عن الانتهاكات إلى المحكمة الجنائية الدولية. وتأتي هذه الدعوات في ظل تقارير منظمات حقوق إنسان دولية تفيد بوجود أدلة قوية على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية. وتعتبر قضية المساءلة القانونية قضية محورية في أي عملية سلام مستقبلية.

في الختام، يرى الدكتور فولك أن مستقبل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية يعتمد بشكل كبير على قدرة المجتمع الدولي على التحرك بشكل حاسم لوقف الإبادة الجماعية وتحقيق المصالحة الفلسطينية. من المتوقع أن تشهد الأسابيع القادمة مزيداً من الجهود الدبلوماسية، لكن نجاح هذه الجهود يبقى رهنًا بمدى استعداد الأطراف المعنية لتقديم تنازلات حقيقية واحترام القانون الدولي. يجب مراقبة تطورات الوضع الإنساني والأمني في الأراضي الفلسطينية عن كثب، وكذلك مواقف الدول الكبرى في المنطقة.

شاركها.