أصبحت جزيرة مارغريتا الفنزويلية، التي لطالما عُرفت بمناظرها الطبيعية الخلابة وشواطئها، محور اهتمام متزايد للمسؤولين الأمريكيين، الذين يحذرون من تحولها إلى قاعدة عمليات رئيسية لحزب الله في نصف الكرة الغربي. وتأتي هذه التطورات في ظل تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة وحماية نظام مادورو للحزب، مما يثير مخاوف أمنية كبيرة. هذا التهديد المتزايد من حزب الله في فنزويلا يمثل تحديًا أمنيًا خطيرًا للولايات المتحدة.

تهديد حزب الله المتزايد في فنزويلا: جزيرة مارغريتا كمركز عمليات

وفقًا لمسؤولين أمريكيين، فإن جزيرة مارغريتا ليست مجرد وجهة سياحية، بل أصبحت نقطة ارتكاز استراتيجية لحزب الله، مما يسهل أنشطته في المنطقة. يرى خبراء أن موقع الجزيرة القريب من ترينيداد وتوباغو وغرينادا، بالإضافة إلى غناها بالنفط وأهميتها في طرق الملاحة البحرية، يجعلها ذات أهمية خاصة. كما أن سمعتها كمركز رئيسي للاتجار بالمخدرات، بسبب بعدها عن البر الرئيسي وضعف تطبيق القانون، ساهم في جاذبيتها للجماعات المسلحة وشبكات الاستخبارات الأجنبية.

تاريخ التواجد وتوسع النفوذ

يعود تحول الجزيرة إلى ما هو عليه اليوم إلى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث فتحت فنزويلا أبوابها أمام حزب الله في عهد هوغو تشافيز. سمح ذلك للحزب بإنشاء موطئ قدم كبير، بما في ذلك موقع تدريب شبه عسكري في الجزيرة. ومع وصول نيكولاس مادورو إلى السلطة، ازداد نفوذ حزب الله في فنزويلا بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى تعزيز علاقاته بشبكة “كارتيل دي لوس سوليس” المتورطة في تهريب المخدرات.

يشير مارشال بيلينغسليا، المسؤول السابق في وزارة الخزانة الأمريكية، إلى أن حزب الله قد رسخ نفسه في الاقتصاد المحلي للجزيرة، مستغلاً وضعها كمنطقة حرة للتجارة والعبور إلى كولومبيا لتعزيز أنشطة التهريب والاستيراد غير المشروع للمخدرات. بالإضافة إلى ذلك، يدير الحزب مجموعة من الشركات ويحافظ على عدة معسكرات تدريب في الجزيرة.

العلاقات مع كارتيل دي لوس سوليس والتمويل غير المشروع

تعتبر العلاقة بين حزب الله وشبكة “كارتيل دي لوس سوليس” وثيقة للغاية وتستمر منذ سنوات عديدة. تتهم الولايات المتحدة مسؤولين كبارًا في فنزويلا بالانخراط في تهريب المخدرات من خلال هذه الشبكة. ويُعتقد أن حزب الله يستخدم الجزيرة كمنصة لغسل الأموال وتمويل أنشطته الإرهابية، مستفيدًا من ضعف الرقابة المالية والفساد المستشري.

تشير التقارير إلى أن الحكومة الفنزويلية، تحت إشراف مسؤولين مثل تاريك إل عيسامي، ساهمت في تسهيل تواجد حزب الله داخل البلاد من خلال توفير جوازات سفر ووثائق هوية لمواطني لبنان وسوريا وإيران. وقد أصدرت السلطات الفنزويلية أكثر من 10400 جواز سفر لأفراد من هذه الدول بين عامي 2010 و 2019.

تداعيات التطورات الإقليمية

مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، وخاصة الحملة الإسرائيلية ضد حزب الله في لبنان، ازدادت أهمية جزيرة مارغريتا بشكل كبير. وقد أدت الضربات الإسرائيلية التي استهدفت البنية التحتية المالية للحزب في لبنان إلى دفعه لزيادة الاعتماد على شبكاته في الخارج لتأمين التمويل. هذا النفوذ المتزايد لحزب الله يثير قلقًا متزايدًا بشأن الأمن الإقليمي.

يقول بيلينغسليا إن هذه التطورات قد تدفع حزب الله إلى نقل مقاتلين من لبنان إلى فنزويلا، مما يزيد من قدرته على تنفيذ عمليات في نصف الكرة الغربي ويقربه من الولايات المتحدة ويبعده عن إسرائيل. كما أن الدور الإيراني في فنزويلا قد تعمق بالتزامن مع توسع نفوذ حزب الله، خاصة فيما يتعلق بتبادل الأسلحة والطائرات بدون طيار مقابل الذهب.

في الوقت الحالي، يبدو أن الولايات المتحدة قد اتخذت خطوات لتعزيز وجودها العسكري في منطقة البحر الكاريبي لمواجهة التهديد المتزايد من حزب الله. ومع ذلك، لا يزال من الضروري جمع معلومات استخباراتية دقيقة للتعامل مع هذا التحدي بفعالية. كما أن الاستفادة من المعلومات التي يمتلكها المعارضون الفنزويليون قد يكون أمرًا بالغ الأهمية.

في الختام، يرى المراقبون أن القضاء على نظام مادورو المتورط في دعم الإرهاب وتهريب المخدرات سيكون بمثابة خطوة حاسمة لتعزيز الأمن القومي الأمريكي. من المتوقع أن تواصل الولايات المتحدة مراقبة الوضع في فنزويلا عن كثب، مع التركيز على أنشطة حزب الله والتعاون الإيراني، وأن تقوم بتقييم الخيارات المتاحة للحد من هذا التهديد المتزايد. يبقى التحدي الأكبر هو تحديد مدى عمق نفوذ الحزب داخل المجتمع الفنزويلي وكيفية التعامل مع هذا التحدي بشكل فعال.

شاركها.