منذ يوم السبت الموافق 20 ديسمبر، تعاني منطقة بروكسل العاصمة، المسؤولة عن إدارة العاصمة البلجيكية، من فراغ حكومي دام 560 يومًا. هذا الوضع غير المسبوق يثير تساؤلات حول أسباب هذا الجمود الحكومي، وتأثيراته على سكان المدينة والمقيمين الدوليين، خاصةً مع كونها مقرًا للاتحاد الأوروبي. يركز هذا المقال على تشكيل حكومة بروكسل وتداعياته.

لماذا تجد عاصمة الاتحاد الأوروبي نفسها في هذا المأزق، وماذا يعني ذلك لمواطنيها والمقيمين الدوليين؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه من خلال استعراض الوضع الحالي وتحليل أسبابه ونتائجه المحتملة.

لماذا تعقيد تشكيل حكومة بروكسل؟

أجريت آخر انتخابات إقليمية وفيدرالية في بلجيكا في يونيو 2024. تم تشكيل الحكومة الفيدرالية رسميًا بعد مفاوضات في فبراير 2025، مع تعيين بارت دي فيفر، زعيم المحافظين الفلمنكيين، رئيسًا للوزراء.

أما بالنسبة للانتخابات الإقليمية، فقد تطورت الأمور بشكل مختلف. كانت المنطقة الناطقة بالفرنسية، والوالون، أول من شكل حكومة في يوليو 2024، تلتها المنطقة الناطقة بالفلمنكية، فلاندرز، في سبتمبر من نفس العام.

في بروكسل، ومع ذلك، لم يتم تشكيل أي ائتلاف حتى الآن، مما ترك المنطقة بدون حكومة. هذا الوضع يتجاوز الرقم القياسي السابق، والذي تم تسجيله في كتاب غينيس للأرقام القياسية، وهو 541 يومًا، في عام 2011، خلال الانتخابات الفيدرالية البلجيكية.

أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل بروكسل تواجه صعوبات أكبر من والونيا وفلاندرز في تشكيل حكومة هو أن منطقة بروكسل العاصمة ثنائية اللغة، وتضم أحزابًا ناطقة بالفرنسية والفلمنكية. هذا التنوع اللغوي يفرض تعقيدات إضافية على عملية تشكيل الائتلافات.

يتطلب الأمر من الأحزاب البحث عن أغلبية أو ائتلاف في كل من اللغتين، الفلمنكية والفرنسية، ثم التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة موحدة. هذه العملية تتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين، وغالبًا ما تكون محفوفة بالمفاوضات الصعبة.

تحديات إضافية في تشكيل الحكومة

بالإضافة إلى التحديات اللغوية، هناك أيضًا اختلافات أيديولوجية بين الأحزاب المختلفة في بروكسل. هذه الاختلافات تجعل من الصعب التوصل إلى توافق في الآراء حول القضايا الرئيسية، مثل السياسات الاجتماعية والاقتصادية.

كما أن هناك أيضًا عوامل سياسية أخرى تلعب دورًا في تعقيد عملية تشكيل الحكومة، مثل التنافس بين الأحزاب المختلفة والرغبة في الحصول على مناصب حكومية مهمة.

ما هي عواقب ذلك على سكان بروكسل؟

هناك قلق كبير بين سكان بروكسل بسبب هذا الفراغ الحكومي. في الأشهر الأخيرة، تصاعدت الاحتجاجات في العاصمة البلجيكية تعبيرًا عن الإحباط والغضب من هذا الوضع.

لقد أثر غياب الحكومة على العديد من القطاعات في الاقتصاد والمجتمع. تتأثر المنظمات الداعمة اجتماعيًا بفقدان الدعم المالي، مما يثير قلقًا بالغًا بشأن قدرتها على الاستمرار في تقديم خدماتها للمحتاجين، مثل المشردين.

تأثيرات أخرى أكثر وضوحًا، حتى بالنسبة لأولئك الذين ليسوا مهتمين بشكل كبير بالنقاش السياسي، حيث تم تعليق أو تأخير أعمال البناء بسبب نقص التمويل. هذا يؤثر على المشاريع التنموية والبنية التحتية في المدينة.

وفقًا لمحللين سياسيين، لم يكن لهذا الوضع حتى الآن تأثير كبير على مؤسسات الاتحاد الأوروبي أو العاملين فيها. ومع ذلك، إذا استمر هذا الجمود، فقد يؤثر سلبًا على صورة الاتحاد الأوروبي العامة.

عدم تحمل المسؤولية عن تشكيل حكومة لا يضر بسكان بروكسل فحسب، بل يضر أيضًا بسمعتها الدولية. هذا الوضع يثير تساؤلات حول قدرة بلجيكا على إدارة شؤونها الداخلية بفعالية.

الوضع السياسي الحالي والمستقبل

تجري حاليًا مفاوضات مكثفة بين الأحزاب المختلفة في بروكسل في محاولة للتوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه المفاوضات ستنجح. تشكيل حكومة بروكسل يواجه عقبات كبيرة.

من المتوقع أن تستمر المفاوضات في الأسابيع القادمة. ومع ذلك، هناك أيضًا احتمال أن يتم اللجوء إلى انتخابات مبكرة إذا فشلت المفاوضات في التوصل إلى نتيجة. هذا السيناريو قد يؤدي إلى مزيد من التأخير في تشكيل حكومة.

من المهم مراقبة التطورات السياسية في بروكسل عن كثب. مستقبل المدينة يعتمد على قدرة الأحزاب المختلفة على التوصل إلى اتفاق وتشكيل حكومة قادرة على معالجة التحديات التي تواجهها. الوضع السياسي في بروكسل يتطلب متابعة دقيقة.

الخطوة التالية المتوقعة هي استمرار المفاوضات بين الأحزاب، مع تحديد موعد نهائي محتمل في نهاية شهر يناير 2026. ومع ذلك، لا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن ما إذا كانت هذه المفاوضات ستنجح في تشكيل حكومة مستقرة. الانتخابات المبكرة هي احتمال وارد إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

شاركها.