مع اقتراب موسم الأعياد، يتزايد عدد الأوروبيين الذين يختارون قضاء عيد الميلاد بعيدًا عن الوطن، في اتجاه متزايد نحو تجارب سفر جديدة بدلًا من التقاليد العائلية المعتادة. هذا التحول، الذي يكتسب زخمًا خاصًا بين الشباب، يعيد تشكيل الطريقة التي ننظر بها إلى عيد الميلاد، ويطرح تساؤلات حول مستقبل هذا العيد بالنسبة للكثيرين.

وفقًا لتقارير حديثة، يشهد قطاع الطيران ارتفاعًا كبيرًا في الحجوزات لعيد الميلاد، حيث تتوقع هيئة الطيران المدني في المملكة المتحدة أن يكون ديسمبر 2025 “أكثر فترات السفر ازدحامًا في عيد الميلاد في التاريخ”. هذا الزيادة في الطلب مدفوعة برغبة في الهروب من ضغوط العطلات، سواء كانت مالية أو اجتماعية، أو ببساطة البحث عن تجارب مختلفة.

التحول في عادات الاحتفال بعيد الميلاد

لم يعد عيد الميلاد مقتصرًا على التجمعات العائلية التقليدية وأسواق الأعياد في المدن الأوروبية الشهيرة. بينما لا تزال وجهات مثل سانت موريتز في سويسرا وفيينا والبراغ في التشيك تحظى بشعبية كبيرة بفضل أسواقها الساحرة وفرص التزلج الممتازة، يشهد السفر إلى وجهات أكثر دفئًا مثل جزر الكناري وماديرا وقبرص زيادة ملحوظة.

يعزو المحللون هذا التغيير إلى عدة عوامل. الأول هو الرغبة في الابتعاد عن الطقس البارد وتكاليف الطاقة المرتفعة في أوروبا. الثاني، والأكثر بروزًا، هو التغيير في الأولويات والقيم بين الأجيال الشابة.

جيل Z يقود التغيير

تشير استطلاات الرأي إلى أن جيل Z (المولودون بين عامي 1997 و 2012) يقود هذا الاتجاه نحو عيد الميلاد غير التقليدي. فقد أظهر استطلاع حديث لشركة Virgin Experience Days أن 25% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 عامًا يفضلون السفر في عيد الميلاد، بهدف أساسي هو خلق تقاليدهم الخاصة بعيدًا عن التوقعات العائلية.

يتفق الكثيرون مع هذا الرأي، ويشيرون إلى أن العطلات يمكن أن تكون فرصة للاستكشاف وقضاء الوقت مع الأصدقاء وتجربة ثقافات جديدة. موهسان لين، مصمم جرافيك يبلغ من العمر 28 عامًا، يوضح هذه الفكرة قائلاً إنه بعد انتقاله إلى المملكة المتحدة، وجد حرية في إعادة اختراع طريقة احتفاله بعيد الميلاد. لقد قضى أعياد الميلاد السابقة في القيام برحلات منفردة في جميع أنحاء البلاد وزيارة أصدقائه.

الراحة والرفاهية بدلاً من التقليد

بالإضافة إلى الرغبة في التغيير، يلعب السعي لتحقيق الراحة والرفاهية دورًا كبيرًا في هذا التحول. يعتبر التخطيط لوجبات عيد الميلاد، واستضافة الضيوف، والتعامل مع الفوضى المرتبطة بالعطلات أمرًا مرهقًا للعديد من الأشخاص، خاصةً أولئك الذين لديهم عائلات صغيرة أو الذين يستضيفون للمرة الأولى.

يقول خبراء السياحة إن المسافرين يفضلون الآن قضاء العطلات في أماكن توفر لهم الاسترخاء والراحة، مثل الفنادق والمنتجعات الفاخرة التي تتولى جميع جوانب التخطيط والإعداد. هذا التوجه يعكس أيضًا اهتمامًا متزايدًا بالصحة النفسية والجسدية، حيث يبحث الناس عن طرق لتقليل التوتر والاستمتاع بوقتهم الثمين.

الاعتبارات الاقتصادية والتغيرات الاجتماعية

على الرغم من أزمة تكلفة المعيشة المستمرة، يبدو أن الناس ما زالوا على استعداد لإنفاق المال على تجارب السفر التي يعتبرونها ذات قيمة. إنهم على استعداد لترقية رحلاتهم الجوية أو الإقامة في فنادق أكثر راحة لضمان تجربة خالية من المتاعب. هذا يشير إلى أنهم يعطون الأولوية للراحة واليقين على التوفير.

بالإضافة إلى ذلك، فإن المجتمع الحديث يشهد تحولًا في مفهوم “العائلة”. مع تزايد عدد الأفراد الذين يعيشون بعيدًا عن عائلاتهم الأصلية، أو الذين يختارون عدم الزواج أو إنجاب الأطفال، يكتسب مفهوم “العائلة المختارة” أهمية أكبر. هذا يشجع الناس على قضاء عيد الميلاد مع الأصدقاء أو الأشخاص الآخرين الذين يشعرون تجاههم بالارتباط القوي.

أظهر استطلاع لـ Virgin Experience Days أن 45% من الشباب يجدون أن الاحتفالات “غير التقليدية” أكثر أهمية من الاحتفالات التقليدية. كما أنهم يفضلون الحصول على قسائم لتجارب فردية بدلاً من الهدايا المادية. هذا يعكس رغبة في الأصالة والتعبير عن الذات وتحديد الأولويات للرفاهية الشخصية.

الوضع الحالي يشير إلى أن الاتجاه نحو عيد الميلاد غير التقليدي سيستمر في النمو في السنوات القادمة. من المتوقع أن يراقب قطاع السياحة عن كثب تفضيلات المسافرين المتغيرة ويقدم خدمات وحزم سياحية تلبي احتياجاتهم. يبقى أن نرى ما إذا كان هذا الاتجاه سيؤدي إلى تغيير دائم في الطريقة التي نحتفل بها بالعيد، أو ما إذا كانت التقاليد العائلية ستظل هي المهيمنة في النهاية.

شاركها.