من المتوقع أن يشهد سوق الهواتف الذكية العالمي انخفاضًا طفيفًا في مبيعاتها خلال العام المقبل، حيث تشير تقديرات شركة كاونتربوينت لأبحاث السوق إلى انخفاض بنسبة 2.1%. ويعزى هذا التراجع المتوقع إلى ارتفاع تكاليف الرقائق الأساسية، مما يؤثر سلبًا على الطلب ويزيد من الضغوط على الشركات المصنعة.
يأتي هذا التوقع في وقت يعاني فيه قطاع الإلكترونيات العالمي من تحديات في سلاسل التوريد، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى تحول تركيز الشركات المتخصصة في صناعة الرقائق نحو إنتاج رقائق الذاكرة الأكثر تطوراً والموجهة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي. هذا التحول أدى إلى نقص في الرقائق التقليدية المستخدمة في تصنيع الهواتف الذكية.
تأثير ارتفاع تكاليف الرقائق على سوق الهواتف الذكية
وفقًا لتقرير كاونتربوينت، فإن الشركات الصينية المصنعة للهواتف الذكية، مثل هونر وأوبو، هي الأكثر عرضة للتأثر بهذا الوضع، خاصة في قطاع الهواتف ذات المواصفات الأساسية والتي تعتمد على هوامش ربح ضيقة. يُتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار الرقائق إلى زيادة تكاليف الإنتاج، مما يضطر هذه الشركات إما إلى تخفيض هوامش أرباحها أو رفع أسعار منتجاتها، وكلاهما قد يؤثر على القدرة التنافسية.
تشير التحليلات إلى أن شركة إنفيديا قد أدت دورًا في تفاقم المشكلة من خلال استخدام رقائق الذاكرة المناسبة للهواتف الذكية في خوادم الذكاء الاصطناعي الخاصة بها. وتقدر الشركة أن هذا الإجراء قد يتسبب في مضاعفة أسعار ذاكرات الخوادم بحلول نهاية عام 2026، مما يؤكد الاتجاه الصاعد في تكاليف الرقائق.
الطلب على الهواتف الذكية المتقدمة
على الرغم من هذه التوقعات السلبية، فقد شهد الربع الثالث من العام الجاري ارتفاعًا في مبيعات الهواتف الذكية على المستوى العالمي بنسبة 2.6%. يعود هذا الارتفاع بشكل كبير إلى زيادة الطلب على الأجهزة المتطورة التي تتميز بتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
وبحسب بيانات مؤسسة إنترناشونال داتا كوربوريشن (IDC)، فإن قوة الطلب في الربع الثالث تعود أيضًا إلى الميزات المبتكرة والأسعار التنافسية والعروض الترويجية التي قدمتها الشركات المصنعة. ومع ذلك، تشير البيانات أيضًا إلى أن هذا الارتفاع قد لا يكون مستدامًا في ظل استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي والقيود التجارية.
تحديات سلاسل التوريد العالمية
يعتبر نقص الرقائق جزءًا من مشكلة أوسع نطاقًا تواجه سلاسل التوريد العالمية. فقد أدت الأحداث الجيوسياسية والاضطرابات الاقتصادية إلى تعطيل تدفق المواد الخام والمكونات الضرورية لتصنيع الإلكترونيات. هذا النقص يؤثر على مجموعة واسعة من الصناعات، وليس فقط صناعة الهواتف الذكية، مما يزيد من الضغوط على الشركات المصنعة.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه الشركات تحديات تتعلق بالرسوم الجمركية والقيود التجارية التي تفرضها بعض الدول. وهذه القيود تزيد من تكاليف الاستيراد وتعرقل عمليات الإنتاج، مما يؤثر سلبًا على القدرة التنافسية للشركات المصنعة.
يتوقع خبراء القطاع أن تستمر هذه التحديات في التأثير على سوق الهواتف الذكية في المستقبل القريب. ومع ذلك، تشير بعض التقديرات إلى أن الوضع قد يتحسن تدريجيًا مع زيادة الاستثمارات في إنتاج الرقائق وتطوير تقنيات جديدة.
يبقى قطاع الذكاء الاصطناعي في الهواتف الذكية محركًا رئيسيًا للنمو، حيث تتجه الشركات المصنعة نحو تطوير المزيد من الميزات والخدمات التي تعتمد على هذه التقنية.
ينبغي متابعة تطورات أسعار الرقائق عن كثب، بالإضافة إلى السياسات التجارية الدولية. من المتوقع أن يقدم التقرير التالي من كاونتربوينت في الربع الأول من عام 2026 المزيد من التوضيحات حول كيفية تطور الوضع، وتحديد العوامل التي قد تؤثر على مبيعات الهواتف الذكية في ذلك الوقت.






