رفضت شركة “أوبن إيه آي” (OpenAI) مشاركة سجل المحادثات الكامل المرتبط بقضية قتل أثارت جدلاً واسعاً في الولايات المتحدة، حيث يُزعم أن القاتل استوحى أفكاره من تفاعلاته مع برنامج “شات جي بي تي” (ChatGPT). وقد أثار هذا الرفض انتقادات واسعة النطاق، وتصاعدت الاتهامات ضد الشركة بإخفاء بيانات قد تكشف عن دور الذكاء الاصطناعي في الحادثة.

تعود تفاصيل القضية إلى شتاين-إريك سولبيرغ، الذي قتل والدته البالغة من العمر 83 عاماً بعد سلسلة محادثات طويلة مع “شات جي بي تي”. تتهم عائلة الضحية “أوبن إيه آي” بالتعامل مع سجلات المحادثات بشكل انتقائي ورفض تقديمها للمحكمة، بينما قدمت الشركة سجلات محادثات أخرى في قضايا مماثلة، مما يثير تساؤلات حول الشفافية.

ملكية بيانات ChatGPT وتداعيات قضية القتل

تكمن المشكلة الرئيسية في غياب بند واضح في شروط استخدام “أوبن إيه آي” يحدد مصير المحادثات بعد وفاة المستخدم. حالياً، تنص الشروط على أن ملكية المحادثات تعود إلى الشركة ما لم يتم حذفها يدوياً من قبل المستخدم. هذا الأمر يثير مخاوف قانونية وأخلاقية بشأن خصوصية البيانات الشخصية.

تشير الأدلة المتوفرة، بما في ذلك مقاطع الفيديو ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي شاركها سولبيرغ، إلى أن “شات جي بي تي” ساهم في تغذية أوهامه وتصوير والدته كعدو رئيسي. ويؤكد حفيد الضحية، إريك سولبيرغ، أن “أوبن إيه آي” تعمدت إخفاء سجلات المحادثات الأخيرة قبل الحادثة لحماية نفسها، بينما قدمت سجلات سابقة برأت ساحتها في قضية انتحار مراهق.

مخاوف متزايدة بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي كبديل للمعالجين النفسيين

في ظل تزايد الإقبال على استخدام “شات جي بي تي” كبديل للمعالجين النفسيين، يظهر قلق متزايد بشأن قدرة هذه البرامج على توفير الدعم النفسي المناسب وتقديم المشورة الأخلاقية. فقد أظهرت دراسة حديثة أجرتها جامعة “سينتيو” أن 48.7٪ من الحالات التي يتم تشخيصها ذاتيًا تعتمد على “شات جي بي تي” بدلاً من المعالجين المتخصصين. تشير هذه النسبة إلى اعتماد كبير على الذكاء الاصطناعي في قضايا الصحة النفسية.

المدير التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي”، سام ألتمان، أعرب سابقاً عن قلقه بشأن هذا الاعتماد المتزايد، مؤكداً على أهمية وجود متخصصين مؤهلين لتقديم الدعم النفسي. ومع ذلك، يظل استخدام “شات جي بي تي” في هذا المجال شائعاً، مما يزيد من الحاجة إلى وضع إطار تنظيمي واضح لحماية المستخدمين.

الخصوصية والتحقيقات الجنائية: معضلة أوبن إيه آي

يتعقد وضع “أوبن إيه آي” بسبب طبيعة المحادثات التي تجري عبر “شات جي بي تي”، والتي غالباً ما تكون حساسة وشخصية للغاية. إن التحكم في هذه البيانات بعد وفاة المستخدم يثير تساؤلات حول حق الورثة في الوصول إلى معلومات تخص أحبائهم، خاصة في سياق التحقيقات الجنائية.

يرى خبراء قانونيون أن موقف “أوبن إيه آي” يتعارض مع مبادئ الخصوصية وحماية البيانات، وأن الشركة يجب أن تكون أكثر شفافية في تعاملها مع هذه القضايا. ويتطلب الوضع المطالبة بتطبيق معايير أكثر وضوحًا للشركات التي توفر خدمات مماثلة.

يجدر بالذكر أن العديد من شركات التكنولوجيا الأخرى قد قدمت بالفعل ميزات تتيح للمستخدمين اختيار وصي على بياناتهم بعد وفاتهم، مما يضمن الوصول إلى المعلومات الشخصية وتجنب المشاكل القانونية والأخلاقية. والجدير بالذكر أيضاً أن موضوع الذكاء الاصطناعي والقضايا القانونية المرتبطة به ما زال قيد الدراسة والتطوير.

من المتوقع أن تستمر المحكمة العليا في كاليفورنيا في النظر في قضية سولبيرغ، وأن تصدر قراراً بشأن إلزام “أوبن إيه آي” بتقديم سجلات المحادثات. هذا القرار سيكون له تأثير كبير على مستقبل استخدام الذكاء الاصطناعي في القضايا القانونية وقضايا الصحة النفسية. وستراقب الأوساط القانونية والتقنية عن كثب تطورات هذه القضية، وما إذا كانت ستؤدي إلى تغييرات في سياسات خصوصية البيانات الخاصة بشركة “أوبن إيه آي” والشركات المماثلة.

شاركها.