تجمع آلاف الأشخاص في شاطئ بوندي بعد إعادة فتحه بعد أيام من إطلاق نار جماعي استهدف اليهود خلال احتفالات عيد الأنوار، مما أسفر عن مقتل 15 شخصًا وإصابة العشرات. وقد أظهر هذا الحدث المأساوي تضامنًا واسعًا في سيدني، وأثار جدلاً حول أمن الجالية اليهودية في أستراليا، بالإضافة إلى المخاوف من ردود فعل سلبية محتملة ضد المسلمين. ويعتبر إطلاق النار في بوندي نقطة تحول في النقاش الوطني حول السلامة المجتمعية والتعايش.
إعادة فتح شاطئ بوندي وتظاهرات التضامن
أعادت شرطة سيدني فتح أجزاء من شاطئ بوندي يوم الخميس، بعد خمسة أيام من الهجوم. شهد الشاطئ تجمعًا كبيرًا للمواطنين الذين أعربوا عن دعمهم للجالية اليهودية. وقام المتصفحون بتنظيم فعالية “التجديف من أجل التضامن” (paddle-out) في المياه، وهو تقليد شائع لتكريم المتوفين، حيث جلسوا على ألواحهم وقدموا العزاء والتحية للضحايا.
بالتزامن مع إعادة فتح الشاطئ، قامت الشرطة المسلحة بنشر قواتها خارج الكنائس اليهودية والمساجد في سيدني تحسبًا لأي حوادث أو ردود فعل قد تنشأ. وتهدف هذه الإجراءات إلى طمأنة الجاليات الدينية وتوفير بيئة آمنة للعبادة خلال هذه الفترة الحساسة، وفقًا لتصريحات الشرطة المحلية.
بطولات فردية في مواجهة الكارثة
تبرز قصص الأبطال الذين تصرفوا بشجاعة خلال الهجوم، مثل أحمد ال أحمد، وهو أسترالي مسلم من أصل سوري، قام بالإمساك بأحد المهاجمين وتسليمه للشرطة. وقد أصيب ال أحمد بجروح خلال عملية الإمساك، لكنه أكد في مقطع فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي أن أستراليا هي “أفضل بلد في العالم”.
وحدة وطنية وتبرعات بالدم
أظهر الأستراليون وحدة وطنية ملحوظة في أعقاب المأساة، حيث سجلوا رقمًا قياسيًا جديدًا في التبرعات بالدم. وذكرت مؤسسة Lifeblood، التابعة للصليب الأحمر الأسترالي، أنه تم تقديم ما يقرب من 35 ألف تبرع، وحجز أكثر من 100 ألف موعد للتبرع منذ يوم الاثنين. ويعكس هذا الإقبال الكبير على التبرع بالدم روح التكافل والتضامن بين أفراد المجتمع.
كما تحول الجسر المقوس الشهير في شاطئ بوندي، حيث شوهد المهاجمان، إلى مكان لتجمع التقديمات والرسائل المؤثرة للضحايا. وشملت هذه التقديمات رسومات فنية، مثل رسم لشمعدان للأنوار وعلم أستراليا، ورسم لنحلة، وهي رمز لتكريم أصغر ضحية في الهجوم، الطفلة ماتيلدا البالغة من العمر 10 سنوات.
ردود فعل سياسية وقلق متزايد
زارت سوزان لي، زعيمة المعارضة الأسترالية، الموقع وعبَرت عن صدمتها وحزنها العميقين. وأكدت أن رؤية الجسر، الذي شهد الهجوم المروع، أثارت لديها مشاعر قوية، وأوضحت أن العديد من الأشخاص الذين لجأوا إلى الجسر خلال الهجوم لن يتمكنوا من العبور منه مرة أخرى دون استعادة ذكريات الفزع والخوف.
وقد أعرب العديد من المسؤولين الإسرائيليين عن قلقهم بشأن تزايد معاداة السامية في أستراليا. وذكر عضو الكنيست الإسرائيلي، قائلًا أن المسؤولين الأستراليين “لم يفعلوا شيئًا” لمواجهة هذه الظاهرة قبل الهجوم. (وفقًا لتقارير إعلامية).
شككت بعض التقارير في الاستجابة الأمنية الأولية. ومع ذلك، أكد المتحدثون باسم الشرطة أنهم يراجعون الإجراءات ويتخذون خطوات لتحسين الأمن في الأماكن الدينية والمجتمعية.
مستقبل الأمن المجتمعي في أستراليا
من المتوقع أن تشهد أستراليا نقاشًا واسعًا حول قوانين الأسلحة وإجراءات الأمن المجتمعي في الأسابيع القادمة. وقد أعلنت الحكومة الأسترالية بالفعل عن عزمها تشديد قوانين الأسلحة، في محاولة لمنع تكرار مثل هذه المآسي. إطلاق النار في بوندي دفع إلى إعادة تقييم شاملة لسياسات السلامة العامة.
بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يتم تخصيص المزيد من الموارد لتعزيز الأمن في الكنائس والمساجد والمراكز المجتمعية اليهودية. وسيراقب المراقبون عن كثب كيفية استجابة الحكومة الأسترالية لضغوط المجتمع الدولي، وكيف ستتعامل مع المخاوف المتعلقة بمعاداة السامية والتطرف. وسيتم النظر بشكل خاص إلى الإجراءات التي تتخذها الحكومة بحلول نهاية الشهر الجاري لمواجهة السلامة المجتمعية و تعزيزها.






