في تطور جديد يهدف إلى زيادة الضغط على الاقتصاد الإيراني، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية عن فرض عقوبات جديدة تستهدف شبكة واسعة من ناقلات النفط والشركات المرتبطة بما يُعرف بـ “أسطول الظل الإيراني“. وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود مستمرة لتقييد صادرات النفط الإيرانية، والتي تعتبر مصدرًا رئيسيًا للدخل للنظام الإيراني. وتهدف العقوبات إلى تعطيل قدرة طهران على تمويل أنشطتها الإقليمية وتطوير برنامجها النووي.

أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية عن هذه العقوبات يوم [أدخل التاريخ]، مستهدفة 29 ناقلة نفط ومنتجات بترولية، بالإضافة إلى شركة لإدارة السفن. وتأتي هذه الإجراءات بعد تحقيق خلص إلى أن هذه الكيانات متورطة في تسهيل شحنات نفطية إيرانية تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات، وذلك من خلال استخدام أساليب خادعة للتحايل على العقوبات الدولية. وتتركز عمليات هذه الناقلات بشكل أساسي في منطقة الخليج العربي وبحر عمان.

ما هو “أسطول الظل الإيراني” وكيف يتجنب العقوبات؟

يشير مصطلح “أسطول الظل” إلى مجموعة من السفن التي تعمل بشكل سري أو غير قانوني، وغالبًا ما تكون متورطة في أنشطة مثل تهريب النفط وغسل الأموال. وتعتمد هذه السفن على تكتيكات مختلفة لإخفاء هويتها ومساراتها، مثل إيقاف تشغيل أنظمة تحديد الهوية الآلية (AIS) وتغيير أسماء السفن وأعلامها.

تكتيكات الإخفاء والتحايل

وفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية، يستخدم “أسطول الظل الإيراني” أيضًا عمليات نقل النفط من سفينة إلى أخرى في عرض البحر، بالإضافة إلى تزوير وثائق الشحن والتأمين. وتشير التقارير إلى أن بعض هذه السفن قديمة وتفتقر إلى معايير السلامة والبيئة، مما يشكل خطرًا إضافيًا على الممرات المائية.

تعتمد هذه الشبكة على شركات وهمية وأفراد يعملون كوسطاء لتسهيل عمليات البيع والشراء، مما يجعل من الصعب تتبع الأموال وتحديد المسؤولين. وتشمل هذه الشركات أحيانًا كيانات مسجلة في دول ذات رقابة تنظيمية ضعيفة.

السياق التاريخي للعقوبات الأمريكية على إيران

تعود جذور العقوبات الأمريكية على إيران إلى الثورة الإيرانية عام 1979، وتصاعدت حدتها على مر العقود بسبب قضايا مثل البرنامج النووي الإيراني ودعمها للجماعات المسلحة في المنطقة. وقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات شاملة على إيران، تستهدف قطاعات رئيسية في الاقتصاد، بما في ذلك النفط والغاز والبنوك.

شهدت هذه العقوبات تصعيدًا كبيرًا في عام 2018، عندما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة – JCPOA) وأعادت فرض عقوبات صارمة على إيران. وتعتبر إدارة ترامب، التي اتخذت هذا القرار، أن الاتفاق النووي كان غير كافٍ لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية.

منذ ذلك الحين، تتبنى الولايات المتحدة سياسة “الضغط الأقصى” على إيران، بهدف إجبارها على التفاوض بشأن اتفاق جديد أكثر شمولاً. وتشمل هذه السياسة فرض عقوبات جديدة بشكل منتظم، بالإضافة إلى ممارسة الضغط الدبلوماسي والاقتصادي على الدول التي تتعامل مع إيران.

التأثيرات المحتملة للعقوبات الجديدة

من المتوقع أن تؤدي هذه العقوبات إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في إيران، حيث ستزيد من صعوبة تصدير النفط والحصول على العملة الأجنبية. وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدلات التضخم والبطالة، وتدهور مستوى المعيشة للمواطنين الإيرانيين.

إقليميًا، قد تزيد هذه الخطوة من التوترات في منطقة الخليج، حيث تتهم إيران الولايات المتحدة وحلفائها بتقويض استقرارها. وتشهد المنطقة بالفعل صراعات ونزاعات متعددة، وقد تؤدي العقوبات الجديدة إلى تصعيد هذه الصراعات.

على الصعيد الدولي، تثير هذه العقوبات تساؤلات حول فعالية نظام العقوبات في ظل وجود شبكات موازية قادرة على التحايل عليها. وتدعو بعض الدول إلى الحوار والتفاوض مع إيران كحل للأزمة، بينما تؤيد دول أخرى سياسة “الضغط الأقصى”. العقوبات الجديدة قد تؤثر على أسعار النفط العالمية.

بالإضافة إلى ذلك، استهدفت العقوبات الأخيرة أفرادًا وكيانات أجنبية متهمة بتسهيل تجارة النفط الإيرانية، مما يشير إلى أن الولايات المتحدة عازمة على ملاحقة جميع الأطراف المتورطة في هذه التجارة، بغض النظر عن جنسياتهم. صادرات النفط الإيرانية هي محور هذه الإجراءات.

من المتوقع أن تواصل الولايات المتحدة ممارسة الضغط على إيران من خلال فرض عقوبات جديدة، وممارسة الضغط الدبلوماسي والاقتصادي. في المقابل، قد تسعى إيران إلى إيجاد طرق جديدة للتحايل على العقوبات، أو إلى تصعيد التوترات في المنطقة. الوضع الاقتصادي في إيران سيظل تحت المراقبة الدقيقة. يبقى مستقبل الاتفاق النووي غير واضحًا، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على مسار العقوبات.

شاركها.