أظهرت دراسة حديثة أجريت في ألمانيا وجود علاقة بين زيادة حجم النسيج الدهني فوق التامور – وهو الغشاء المحيط بالقلب – وارتفاع خطر الإصابة بتلف في عضلة القلب بعد أزمة قلبية، أو ما يعرف بـاحتشاء عضلة القلب. وكشف التحليل القائم على التصوير القلبي الوعائي عن مؤشر جديد محتمل لتقييم المرضى الأكثر عرضة للخطر.
تم تقديم هذه النتائج في 12 ديسمبر 2025، خلال مؤتمر الجمعية الأوروبية للتصوير القلبي الوعائي. الدراسة سلطت الضوء على أهمية فهم العوامل التي تؤثر على شدة تلف عضلة القلب بعد الأزمة، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على معدلات الوفيات.
أمراض الشريان التاجي واحتمالات التعافي
تُعد أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الرئيسي للوفاة على مستوى العالم، حيث تمثل حوالي ثلث الوفيات الإجمالية. ووفقًا للإحصائيات، فإن 85٪ من هذه الوفيات تنتج عن احتشاء عضلة القلب والسكتة الدماغية. وبالتالي، فإن تحديد عوامل الخطر الجديدة يعتبر أمرًا بالغ الأهمية لتحسين فرص التعافي.
أشارت الدكتورة كلارا هاغيدورن، من مستشفى جامعة غوتنغن في ألمانيا، والتي قادت الدراسة، إلى أن “تقدير مدى إصابة عضلة القلب يعتبر حاسمًا لتحديد فرص بقاء المريض على قيد الحياة بعد الأزمة. المعلومات الجديدة قد تساعد في تحديد المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية أكثر كثافة.”
النسيج الدهني فوق التامور (EAT) هو عبارة عن طبقة من الدهون تتراكم بين عضلة القلب وبطانة القلب، ويحيط مباشرة بالشرايين التاجية. في الحالات المرضية، يمكن لهذا النسيج إفراز مواد التهابية تؤدي إلى ارتشاح عضلة القلب وتضييق الأوعية الدموية المحيطة بها. بمرور الوقت، قد يؤدي ذلك إلى تغييرات سلبية في هيكل ووظيفة القلب.
العلاقة بين حجم النسيج الدهني وتلف عضلة القلب
قام فريق البحث بدراسة بيانات 1168 مريضًا خضعوا للتصوير بالرنين المغناطيسي القلبي (CMR) في غضون 10 أيام من خضوعهم لعملية قسطرة قلبية علاجية بعد الإصابة بـاحتشاء عضلة القلب. تم تقسيم المرضى إلى أربع مجموعات بناءً على حجم النسيج الدهني حول القلب.
وتبين أن هناك ارتباطًا مباشرًا بين زيادة حجم النسيج الدهني حول القلب وارتفاع حجم الأنسجة المتضررة خلال الأزمة، بالإضافة إلى زيادة المنطقة المعرضة للخطر. هذه النتائج تدعم فرضية أن EAT يلعب دورًا في تفاقم آثار الأزمة القلبية.
ذكرت هاغيدورن: “لقد أثبتنا أن المرضى الذين يعانون من حجم أكبر من النسيج الدهني حول القلب أظهروا تلفًا أشد في عضلة القلب بعد الأزمة. قياس حجم هذا النسيج باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي القلبي قد يساعد في تقييم خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.”
التصوير بالرنين المغناطيسي وتحديد عوامل الخطر
يتميز التصوير بالرنين المغناطيسي القلبي بقدرته العالية على تحديد حجم النسيج الدهني حول القلب ودقة تقييم الأضرار التي لحقت بعضلة القلب. هذا يجعله أداة قيّمة في تحديد المرضى الذين يستفيدون من تدخل علاجي مبكر.
الدكتور ألكسندر شولتز، المؤلف الرئيسي في الدراسة من مستشفى جامعة غوتنغن، أضاف: “نحن بحاجة إلى فهم الآليات التي تؤثر من خلالها الأنسجة الدهنية حول القلب على عضلة القلب. يحدث احتشاء عضلة القلب في مرحلة متقدمة نسبيًا من تطور أمراض الشريان التاجي، وقد يكون من الممكن التدخل في وقت مبكر عن طريق تحديد المرضى الذين لديهم مستويات عالية من النسيج الدهني حول القلب وتعديل تأثيره كإجراء وقائي.”
وتشير النتائج إلى ضرورة إجراء المزيد من البحوث لاستكشاف العلاقة السببية بين حجم النسيج الدهني حول القلب وشدة تلف عضلة القلب. من المتوقع أن تركز الدراسات المستقبلية على تطوير استراتيجيات علاجية تستهدف تقليل حجم هذا النسيج وتخفيف تأثيره الالتهابي.
من المتوقع نشر المزيد من التفاصيل حول هذه الدراسة في مجلة علمية متخصصة خلال الربع الأول من عام 2026. سيراقب الباحثون عن كثب نتائج الدراسات المستقبلية لتأكيد صحة هذه النتائج وتحديد أفضل السبل لتطبيقها في الممارسة السريرية لتحسين رعاية مرضى القلب.






