أعلن حزب العائلات العاملة (Working Families Party) يوم الخميس عن مبادرة تجنيد محددة تستهدف الأفراد الذين ينظمون معارضة لمراكز البيانات في مجتمعاتهم، وذلك بهدف تشجيعهم على الترشح للمناصب السياسية. تأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد الجدل السياسي حول مراكز البيانات وتأثيراتها، حيث بدأ بعض الديمقراطيين البارزين في الانخراط في هذا النقاش. وتعتبر هذه المبادرة تطوراً مهماً في سياق تزايد المخاوف المجتمعية حول استهلاك الطاقة والموارد المرتبطة بهذه المرافق.

وقد بدأت هذه التحركات بعد تلقي ثلاثة ديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأمريكي طلبات للحصول على معلومات من شركات التكنولوجيا الكبرى حول تأثير مراكز البيانات على فواتير الكهرباء. كما دعا السيناتور بيرني ساندرز، المستقل عن ولاية فيرمونت، إلى فرض حظر مؤقت على إنشاء مراكز بيانات جديدة. يوضح هذا التصاعد في الاهتمام السياسي التحديات المتزايدة التي تواجه توسع هذه الصناعة.

تزايد المعارضة لمراكز البيانات ودور حزب العائلات العاملة

يرى رَافِي مانجلا، السكرتير الصحفي الوطني لحزب العائلات العاملة، أن دور الحزب يكمن في الاستجابة لمخاوف المواطنين، والقضايا التي تثير قلقهم. وأكد أنه سيكون إهمالاً لاحتياجات الناخبين ألا يستجيب الحزب لقضية مراكز البيانات وتأثيراتها على المجتمعات المحلية.

تأسس حزب العائلات العاملة في الأصل في نيويورك في أواخر التسعينيات، وأصبح له الآن فروع في ولايات مختلفة في جميع أنحاء البلاد. على الرغم من أن الحزب لا يميل إلى ترشيح مرشحين بشكل مستقل، إلا أن توصياته وقدرته التنظيمية يمكن أن يكون لها وزن كبير في السباقات التي يختار المشاركة فيها. وقد قدم الحزب دعمه لـ زهران مامداني في سباق عمدة نيويورك هذا العام، بالإضافة إلى عدد من المرشحين الناجحين الآخرين.

شهدت المعارضة لمراكز البيانات ارتفاعًا ملحوظًا في بعض المناطق في جميع أنحاء البلاد خلال العام الماضي، حيث كثفت شركات التكنولوجيا استثماراتها في بناء مئات المرافق. وأظهر استطلاع للرأي نشرته Heatmap في سبتمبر أن أقل من نصف الأمريكيين من جميع الأطياف السياسية يرحبون ببناء مركز بيانات بالقرب من مكان إقامتهم. كما كشف استطلاع حديث أجرته مجموعة صناعية خاصة عن زيادة المعارضة المجتمعية في الربع الثاني من هذا العام، مما أدى إلى توقف أو عرقلة مشاريع تطوير مراكز البيانات بقيمة مليارات الدولارات.

القضايا المتشابكة وتأثيرها على الانتخابات

تتداخل قضايا القدرة على تحمل التكاليف – بما في ذلك ارتفاع فواتير الكهرباء – مع مخاوف أخرى تتعلق بمراكز البيانات، مثل القلق بشأن تأثيرها على المناخ والمياه، أو حتى الضوضاء الصادرة منها. وقد لعبت هذه المخاوف دورًا في عدد من الانتخابات النصفية، بما في ذلك بعض السباقات في ولاية فيرجينيا، التي تضم أكبر تركيز لمراكز البيانات في البلاد وتواجه طلبًا متزايدًا على الطاقة من المرافق الجديدة المتوقع تشغيلها بحلول نهاية العقد.

لم يقتصر التأثير السياسي لمراكز البيانات على انتخابات منتصف المدة أو ولاية فيرجينيا. ففي الأسبوع الماضي، صوت مسؤولون في تشاندلر، أريزونا، بالإجماع ضد مشروع مركز بيانات مقترح في المدينة، على الرغم من جهود الضغط المكثفة من قبل السيناتورة السابقة كيرستن سينما. بالإضافة إلى ذلك، انتخب الناخبون في جورجيا يوم الثلاثاء عضوًا جديدًا في الهيئة التشريعية للولاية، تعهد بتقديم تشريع يجعل مراكز البيانات “تدفع نصيبها العادل” من التكاليف.

يعزو مانجلا قرار حزب العائلات العاملة بإطلاق مبادرة التجنيد إلى الطريقة التي تجلت بها هذه القضية في انتخابات فيرجينيا، وكذلك إلى ردود الفعل القوية على المستوى المحلي في جميع أنحاء البلاد. وأضاف قائلاً: “لا يمكنك ملء مركز مجتمعي أو قاعة مدينة بشكل طبيعي”. وهناك أفراد يخطون بوضوح خطوات في مجتمعاتهم، وينظمون جيرانهم، ويقودون الحملة للحد من هذه مراكز البيانات.”

تطورات مستقبلية ومخاوف مستمرة

يشير الخبراء إلى أن النقاش حول مراكز البيانات سيستمر في التوسع، مع زيادة الضغط على الشركات لتكون أكثر مسؤولية تجاه المجتمعات المحلية والبيئة. تشمل المخاوف الرئيسية استهلاك الطاقة الهائل، والطلب المتزايد على المياه، والتأثير المحتمل على شبكات الكهرباء المحلية. بالإضافة إلى ذلك، هناك اهتمام متزايد بمسائل البيانات والخصوصية المتعلقة بهذه المرافق.

من المتوقع أن يستمر حزب العائلات العاملة في جهوده لتجنيد مرشحين للانتخابات المحلية والوطنية، بهدف إعطاء صوت للمجتمعات المتضررة من التوسع في مراكز البيانات. وسيراقب المراقبون عن كثب كيف ستؤثر هذه المبادرة على نتائج الانتخابات القادمة، وما إذا كانت ستؤدي إلى تغيير في السياسات المتعلقة بتطوير وتشغيل مراكز البيانات. تبقى القضية معقدة ومتعددة الأوجه، وتتطلب حوارًا مستمرًا بين جميع الأطراف المعنية.

شاركها.