دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الدول الغربية إلى اتخاذ إجراءات فورية لمواجهة معاداة السامية وضمان سلامة المجتمعات اليهودية حول العالم. جاءت هذه الدعوة في أعقاب تصاعد الحوادث المعادية للسامية في عدة دول، وتحديدًا بعد الهجوم الإرهابي الذي استهدف رواد الكنيس في أستراليا خلال احتفالات عيد الأنوار (Hanukkah). وتعتبر هذه القضية ذات أهمية متزايدة في ظل التوترات الجيوسياسية المستمرة.
نتنياهو يطالب بإجراءات عاجلة لمواجهة معاداة السامية
أكد نتنياهو، في مقطع فيديو نُشر الثلاثاء، على ضرورة أن تتحرك الحكومات الغربية بشكل حاسم لمكافحة معاداة السامية وتوفير الحماية اللازمة للجاليات اليهودية. وطالب الدول الغربية بأخذ تحذيرات إسرائيل على محمل الجد، مشددًا على أن الإجراءات يجب أن تتخذ “الآن”.
الهجوم في أستراليا وتصاعد التوترات
جاءت تصريحات نتنياهو عقب الهجوم الذي وقع في سيدني بأستراليا يوم الأحد، والذي وصفه رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز بأنه “استهدف بشكل متعمد المجتمع اليهودي في اليوم الأول من عيد الأنوار”. وأثارت هذه الحادثة موجة إدانة دولية، وأعادت إلى الواجهة المخاوف المتزايدة بشأن الأمن والسلامة للمجتمعات اليهودية في جميع أنحاء العالم.
وقد أعرب مسؤولون إسرائيليون عن قلقهم حيال ما وصفوه بالتقاعس عن اتخاذ إجراءات كافية لمواجهة معاداة السامية في أستراليا قبل وقوع الهجوم. وأشار عضو الكنيست الإسرائيلي إلى أن السلطات الأسترالية “لم تفعل شيئًا” على الرغم من ارتفاع معدلات المعاداة للسامية في البلاد.
اتهامات متبادلة في الولايات المتحدة
في غضون ذلك، وفي حفل استقبال أقيم في البيت الأبيض بمناسبة عيد الأنوار، اتهم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الكونغرس الأمريكي بـ “التحول إلى معاداة السامية”. وتحديدًا، ذكر ترامب النائبة ألكسندريا أوكاسيو كورتيز (AOC) وثلاثة نواب آخرين، بالإضافة إلى النائبة إلهان عمر، واصفًا الأخيرة بأنها “تكره اليهود”.
أثارت هذه التصريحات جدلاً واسعًا في الولايات المتحدة، حيث دافع أنصار ترامب عن حق الرئيس في التعبير عن رأيه، بينما انتقد خصومه هذه التصريحات ووصفوها بأنها “تأجيج للانقسامات”.
هذه الاتهامات تأتي في وقت يشهد فيه الخطاب السياسي في الولايات المتحدة استقطابًا حادًا، وتصاعدًا في التوترات العرقية والدينية.
أبعاد أوسع لمشكلة معاداة السامية
معاداة السامية ليست ظاهرة جديدة، حيث يعود تاريخها إلى قرون مضت. ومع ذلك، فقد شهدت هذه الظاهرة تصاعدًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، مدفوعة بمجموعة من العوامل، بما في ذلك انتشار المعلومات المضللة عبر الإنترنت، وارتفاع اليمين المتطرف، وتأثير الصراعات السياسية في الشرق الأوسط. وتعتبر معاداة السامية تهديدًا ليس فقط للمجتمعات اليهودية، بل أيضًا للقيم الديمقراطية والتسامح الديني.
تقارير من منظمات دولية ومحلية، مثل “الرابطة لمكافحة التشهير” (Anti-Defamation League)، تشير إلى زيادة كبيرة في عدد الحوادث المعادية للسامية في أوروبا وأمريكا الشمالية، بما في ذلك الاعتداءات الجسدية، والتخريب الممتلكات، والخطاب التحريضي على الكراهية. بالإضافة إلى ذلك، يتسع نطاق هذه الظاهرة ليشمل أشكالاً خفية من التمييز والتحيز.
تتضمن الجهود المبذولة لمواجهة معاداة السامية سن قوانين تجرم خطاب الكراهية، وتنفيذ برامج تعليمية لتعزيز التسامح والتفاهم، ودعم منظمات المجتمع المدني التي تعمل على مكافحة هذه الظاهرة.
وقد دعت الأمم المتحدة الدول الأعضاء إلى اتخاذ خطوات ملموسة لمكافحة معاداة السامية وحماية المجتمعات اليهودية، وذلك في إطار التزامها بالحقوق الإنسانية الأساسية.
من ناحية أخرى، يرى البعض أن التركيز على معاداة السامية يجب أن يكون جزءًا من جهد أوسع لمكافحة جميع أشكال التمييز والكراهية، بغض النظر عن الهدف. ويرون أنه من الضروري معالجة الأسباب الجذرية لهذه الظواهر، مثل الفقر والبطالة والجهل.
من المتوقع أن تستمر المناقشات حول كيفية مكافحة معاداة السامية على المستويات المحلية والدولية. وستراقب الأوساط السياسية والإعلامية عن كثب ردود فعل الحكومات الغربية على دعوة نتنياهو، وما إذا كانت ستتخذ إجراءات ملموسة لحماية المجتمعات اليهودية. كما ستتابع تطورات التحقيقات في الهجوم الذي وقع في أستراليا، وما إذا كانت ستكشف عن أي صلات بتنظيمات متطرفة.






