في غضون أيام، شهدت الصين ظهور ملياردير جديد في قطاع أشباه الموصلات، وهو تشن ويليانغ، مؤسس شركة “ميتا إكس إنتغريتد سيركيتس شنغهاي”. يعكس صعود تشن، الذي بدأ مسيرته المهنية بالتعلم من شركات عملاقة مثل “أدفانسد مايكرو ديفايسز” (AMD)، الجهود الصينية المتزايدة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال صناعة الرقائق، وذلك في ظل التوترات الجيوسياسية مع الولايات المتحدة.

تأسست “ميتا إكس” قبل خمس سنوات فقط، بعد أن ترك تشن منصبه التنفيذي في AMD. وقد طرحت الشركة أسهمها في بورصة شنغهاي الأربعاء الماضي، مما أدى إلى تقييمها بنحو 5.9 مليار دولار. وارتفع سعر السهم بشكل كبير في أول يوم تداول، مما زاد من ثروة تشن بشكل ملحوظ.

صعود المليارديرات في قطاع الرقائق الصيني

يمثل صعود تشن نمطًا متزايدًا في الصين، حيث ينشأ مليارديرات جدد من خلال التركيز على تطوير تكنولوجيا أشباه الموصلات المحلية. فقد شهدنا بالفعل صعود تشانغ جيانتشونغ، مؤسس “مور ثريدز تكنولوجي”، وهو أيضًا خريج شركة “إنفيديا”، بعد طرح أسهم شركته في وقت سابق من هذا الشهر.

وتشير هذه التطورات إلى دعم حكومي قوي للشركات العاملة في هذا القطاع الاستراتيجي. فقد أعلنت الصين مؤخرًا عن حوافز بقيمة 70 مليار دولار لدعم صناعة الرقائق، مما يعكس الأهمية التي توليها بكين لهذا المجال.

تحديات تواجه الشركات الناشئة في مجال الرقائق

على الرغم من هذه المكاسب الأولية، تواجه كل من “ميتا إكس” و”مور ثريدز” تحديات كبيرة. تشمل هذه التحديات الضغوط الجيوسياسية المستمرة، والحاجة إلى استثمارات ضخمة في البحث والتطوير، والمنافسة الشديدة من الشركات المحلية والدولية. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد هذه الشركات على معدات وتقنيات متخصصة قد تكون مقيدة بسبب القيود التجارية.

ويقول شن منغ، مدير “تشانسون آند كو”، وهي شركة استثمارية مقرها بكين، إن الشركات الصينية لا تزال متخلفة عن الشركات العالمية الرائدة في مجال أشباه الموصلات من حيث الأداء على مستوى النظام والإنتاج. ومع ذلك، فإن الدعم الحكومي المكثف يساعد هذه الشركات على سد الفجوة.

استقطاب الكفاءات وتعزيز القدرات التكنولوجية

ركزت “ميتا إكس” بشكل كبير على استقطاب الكفاءات الهندسية عالية المستوى، وخاصةً من الشركات الأمريكية الكبرى. وقد نجحت الشركة في جذب العديد من المهندسين والمديرين التنفيذيين ذوي الخبرة من “أدفانسد مايكرو ديفايسز”، بمن فيهم بنغ لي ويانغ جيان، اللذان يشغلان منصب كبير المسؤولين التقنيين في الشركة.

ولتحفيز الموظفين والاحتفاظ بهم، وزعت “ميتا إكس” تعويضات قائمة على الأسهم قبل الطرح العام الأولي، مما حول العديد من العاملين إلى ملايين. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 80% من القوى العاملة في الشركة تمتلك الآن حصصًا في الشركة.

وتقول إيكو وانغ، المديرة الإقليمية في “هايز شنغهاي”، وهي شركة متخصصة في التوظيف في قطاع التكنولوجيا، إن تقديم حوافز الأسهم هو وسيلة فعالة لإقناع الكفاءات المتميزة بالانضمام إلى الشركات الناشئة في الصين.

المنافسة في سوق الرقائق الصيني

يدخل طرح “ميتا إكس” في سوق تنافسية للغاية، حيث تتسابق العديد من الشركات الصينية الناشئة، مثل “مور ثريدز”، و”هواوي تكنولوجيز”، و”هايغون إنفورميشن تكنولوجي”، و”كامبريكون تكنولوجيز”، للسيطرة على السوق المحلية.

وتواجه “ميتا إكس” أيضًا منافسة قوية من الشركات الأمريكية العملاقة، مثل “إنفيديا” و”أدفانسد مايكرو ديفايسز”، على الرغم من القيود التجارية التي تفرضها الولايات المتحدة. ويقول ماثيو دنغ، مدير الاستشارات في “بي دي إيه تشاينا”، إن شركات مثل “هواوي” و”هايغون” و”كامبريكون” تتمتع بميزة من حيث نضج المنتج والعلاقات مع العملاء.

الاستدامة المالية والتحديات المستقبلية

تستثمر “ميتا إكس” بكثافة في البحث والتطوير لتقليص الفجوة التكنولوجية مع الشركات الرائدة. وقد أنفقت الشركة أكثر من 2.2 مليار يوان على البحث والتطوير بين عامي 2022 و2024. على الرغم من النمو القوي في الإيرادات، إلا أن الشركة لم تحقق بعد ربحية، حيث سجلت خسارة صافية قدرها 1.41 مليار يوان في عام 2024.

وتتوقع “ميتا إكس” الوصول إلى نقطة التعادل بحلول عام 2026، وهو هدف يعتمد على نجاح رقاقة “سي 500” في الحفاظ على مكانتها في السوق.

بالإضافة إلى ذلك، تعتمد “ميتا إكس” على عدد محدود من العملاء الرئيسيين، بما في ذلك “إتش 3 سي تكنولوجيز”، وهي شركة تابعة لمجموعة مدعومة من بكين. كما أنها تعتمد على مسابك الطرف الثالث لتصنيع رقائقها، مما يجعلها عرضة للخطر في حالة تشديد القيود التجارية على الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة.

في الختام، يمثل طرح “ميتا إكس” علامة فارقة في تطور صناعة الرقائق الصينية. ومع ذلك، لا تزال الشركة تواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك المنافسة الشديدة، والحاجة إلى استثمارات ضخمة، والاعتماد على سلسلة توريد معقدة. سيكون من المهم مراقبة أداء الشركة في السنوات القادمة، وتقييم قدرتها على تحقيق أهدافها المالية والتكنولوجية، والتكيف مع التغيرات في البيئة الجيوسياسية.

شاركها.