انسحبت شركة “أفينيتي بارتنرز” الاستثمارية، التي أسسها جاريد كوشنر، من السباق على الاستحواذ على شركة “وارنر براذرز ديسكفري” (Warner Bros. Discovery)، مما يمثل تطوراً كبيراً في المعركة المحتدمة للسيطرة على عملاق الإعلام والترفيه. يأتي هذا الانسحاب بعد أن تقدم تحالف “باراماونت سكاي دانس” (Paramount SkyDance) بعرض استحواذ عدائي بقيمة 108.4 مليار دولار، بهدف إفشال اتفاقية الاستحواذ المتفق عليها مسبقاً بين “نتفليكس” (Netflix) و”وارنر براذرز”.
أعلنت “أفينيتي بارتنرز” أنها قررت عدم المضي قدماً في الصفقة، معتبرةً أن ديناميكيات الاستثمار قد تغيرت منذ انخراطها في العملية في أكتوبر الماضي. ووفقاً لممثل عن الشركة، فإنها لا تزال ترى مبرراً استراتيجياً قوياً لعرض “باراماونت”، لكنها اختارت عدم الاستمرار في التمويل. يأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه صناعة الإعلام والترفيه تحولات جذرية، وتزايداً في عمليات الدمج والاستحواذ.
تداعيات انسحاب “أفينيتي بارتنرز” من صفقة “وارنر براذرز”
من المتوقع أن ترفض “وارنر براذرز” عرض “باراماونت” بشكل رسمي، وذلك بسبب مخاوف تتعلق بضمان التمويل الكافي وبعض الشروط الأخرى الواردة في العرض. تشير التقارير إلى أن استثمار “أفينيتي” في العرض كان يبلغ حوالي 200 مليون دولار في صورة أسهم. هذا الانسحاب يضع ضغوطاً إضافية على “باراماونت” لإثبات قدرتها على تأمين التمويل اللازم لإتمام الصفقة.
المنافسة الشديدة والمخاوف من الاحتكار
تعتبر المعركة على “وارنر براذرز” بمثابة نقطة تحول محتملة في صناعة الترفيه، حيث يمكن أن تؤدي إلى إعادة تشكيل المشهد التنافسي. ففي حال نجحت “نتفليكس” في الاستحواذ على “وارنر براذرز”، ستحصل على مكتبة محتوى ضخمة، مما يعزز مكانتها المهيمنة في سوق البث الرقمي. في المقابل، تسعى “باراماونت” من خلال هذا الاستحواذ إلى دمج قوتين تاريخيتين في هوليوود، بهدف منافسة “نتفليكس” و”والت ديزني” (Walt Disney) و”أمازون” (Amazon).
يثير كلا العرضين مخاوف كبيرة بشأن مكافحة الاحتكار، وهو ما يتجلى في رسوم فسخ الصفقة الباهظة التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات. تتطلب هذه الصفقة مراجعة دقيقة من الجهات التنظيمية المختصة لضمان عدم تأثيرها بشكل سلبي على المنافسة في السوق.
الدور المتزايد للمستثمرين من الشرق الأوسط
تسعى “باراماونت” إلى الحصول على دعم من البيت الأبيض، وقد أشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى أنه قد يدلي برأيه في عملية الموافقة على بيع “وارنر براذرز”. تجدر الإشارة إلى أن جاريد كوشنر هو صهر ترامب، مما يضيف بعداً سياسياً إلى هذه الصفقة.
يعتمد تمويل عرض “باراماونت” بشكل كبير على مجموعة من المستثمرين المؤثرين في الشرق الأوسط، بما في ذلك “صندوق الاستثمارات العامة” السعودي، و”جهاز قطر للاستثمار”، بالإضافة إلى “العماد القابضة” وهي مجموعة استثمارية حديثة التأسيس في أبوظبي. يعكس هذا التوجه الدور المتزايد الذي تلعبه صناديق الثروة السيادية في المنطقة في الاستثمارات العالمية الكبرى، خاصة في قطاع التكنولوجيا والإعلام. تتمتع “أفينيتي بارتنرز” بعلاقات قوية في الشرق الأوسط، حيث أسسها كوشنر في عام 2021 وجمع تمويلات من صناديق ثروة سيادية إقليمية.
في سياق منفصل، أفادت التقارير بأن “أفينيتي بارتنرز” تخلت عن خططها لإقامة فندق في صربيا، بعد أن تصاعدت التوترات المحيطة بالمشروع واتُهم مسؤول حكومي بالمساعدة في تسهيل عملية التطوير.
من المتوقع أن تشهد الأيام والأسابيع القادمة تطورات حاسمة في هذه الصفقة، حيث ستقوم “وارنر براذرز” بتقييم عرض “باراماونت” بشكل رسمي. سيكون من المهم مراقبة ردود فعل الجهات التنظيمية المختصة، وموقف المستثمرين من الشرق الأوسط، بالإضافة إلى أي تدخل محتمل من الإدارة الأمريكية. يبقى مستقبل “وارنر براذرز” غير مؤكد، لكن من الواضح أن هذه المعركة ستترك بصمة واضحة على صناعة الترفيه العالمية.






