أكد وزير الصناعة والتعدين، خلال مشاركته في معرض “صُنع في السعودية 2024” الذي أقيم مؤخرًا، على أهمية برنامج تطوير الصناعة الوطنية كركيزة أساسية لتحقيق رؤية المملكة 2030 في مجال الصناعة السعودية. يهدف البرنامج، الذي أطلق في عام 2021، إلى تعزيز القدرات التصنيعية المحلية وزيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي. وتأتي هذه التصريحات في سياق الجهود المستمرة لزيادة التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط.

الحدث، الذي استضافته الرياض، سلط الضوء على المشاريع الصناعية الواعدة والفرص الاستثمارية المتاحة في المملكة. وشهد المعرض حضورًا لافتًا من الشركات المحلية والدولية المهتمة بالاستثمار في القطاع الصناعي السعودي. وتشير التقديرات الأولية إلى أن المعرض جذب أكثر من 500 شركة عارضة و 20 ألف زائر.

تعزيز مكانة الصناعة السعودية إقليميًا وعالميًا

يرتكز برنامج تطوير الصناعة الوطنية على عدة محاور رئيسية، بما في ذلك دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتحسين البنية التحتية الصناعية، وتطوير المهارات والكفاءات الوطنية. ويهدف البرنامج إلى خلق بيئة جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي في القطاعات الصناعية ذات الأولوية، مثل الصناعات الدفاعية والطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة.

أهداف البرنامج الاستراتيجية

تتضمن الأهداف الاستراتيجية للبرنامج زيادة الصادرات الصناعية غير النفطية، وتحسين القدرة التنافسية للمنتجات السعودية في الأسواق العالمية، وخلق فرص عمل جديدة للمواطنين. كما يركز البرنامج على تعزيز الابتكار والبحث والتطوير في القطاع الصناعي، وتشجيع استخدام التقنيات الحديثة.

أشار الوزير إلى أن البرنامج يجسد طموح المملكة في أن تصبح مركزًا صناعيًا عالميًا، وأن تحظى منتجاتها بجودة عالية وموثوقية كبيرة. وتعتمد هذه الرؤية على الاستفادة من الموارد الطبيعية الوفيرة التي تتمتع بها المملكة، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي الذي يربط بين الشرق والغرب.

بالإضافة إلى ذلك، يولي البرنامج اهتمامًا خاصًا بتطوير سلاسل الإمداد المحلية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد في بعض القطاعات الصناعية. ويشمل ذلك دعم الصناعات التحويلية التي تعتمد على الموارد المحلية، وتشجيع الشراكات بين الشركات المحلية والأجنبية.

وتشير التقارير إلى أن القطاع الصناعي في المملكة يشهد نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، مدفوعًا بالاستثمارات الحكومية والخاصة، والسياسات الإصلاحية التي تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال. وقد ساهمت هذه العوامل في جذب العديد من الشركات العالمية الكبرى للاستثمار في المملكة.

من ناحية أخرى، يواجه القطاع الصناعي في المملكة بعض التحديات، مثل نقص الكفاءات المتخصصة، وارتفاع تكاليف الطاقة، والقيود التنظيمية. ويعمل البرنامج على معالجة هذه التحديات من خلال توفير برامج تدريبية متخصصة، وتقديم حوافز للشركات التي تستثمر في الطاقة المتجددة، وتبسيط الإجراءات التنظيمية.

وتشير البيانات الصادرة عن وزارة الاستثمار إلى أن المملكة قد جذبت استثمارات أجنبية مباشرة في القطاع الصناعي بقيمة تجاوزت 100 مليار ريال سعودي خلال السنوات الخمس الماضية. وتتوقع الوزارة أن تزيد هذه الاستثمارات بشكل كبير في السنوات القادمة، مع استمرار تنفيذ برنامج تطوير الصناعة الوطنية.

وفي سياق متصل، تعمل وزارة الصناعة والتعدين على تطوير منطقة صناعية متكاملة في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، بهدف جذب المزيد من الاستثمارات في القطاعات الصناعية ذات التقنية العالية. وتشمل هذه المنطقة بنية تحتية متطورة، وخدمات لوجستية متكاملة، وحوافز ضريبية خاصة.

كما تولي المملكة اهتمامًا كبيرًا بتطوير قطاع الصناعات الدفاعية، وتعتزم زيادة الإنفاق على هذا القطاع في السنوات القادمة. ويهدف ذلك إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الأسلحة والمعدات العسكرية، وتعزيز الأمن القومي.

وتعتبر مبادرة “صنع في السعودية” جزءًا لا يتجزأ من برنامج تطوير الصناعة الوطنية، وتهدف إلى تعزيز العلامة التجارية للمنتجات السعودية في الأسواق المحلية والعالمية. وتشمل هذه المبادرة حملات تسويقية واسعة النطاق، ومشاركة في المعارض التجارية الدولية، وتقديم شهادات جودة للمنتجات المحلية.

بالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن يشهد القطاع الصناعي في المملكة تحولات كبيرة في السنوات القادمة، مدفوعة برؤية المملكة 2030 وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية. وستشمل هذه التحولات زيادة الاستثمار في التقنيات الحديثة، وتطوير سلاسل الإمداد المحلية، وتعزيز الابتكار والبحث والتطوير. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض أوجه عدم اليقين، مثل التطورات الجيوسياسية وتقلبات أسعار النفط، التي قد تؤثر على مسار النمو الصناعي في المملكة. ومن المهم متابعة التطورات في هذا المجال، وتقييم الأثر المحتمل لهذه التطورات على القطاع الصناعي.

من المقرر أن تعلن وزارة الصناعة والتعدين عن تفاصيل الخطة التنفيذية للمرحلة الثانية من برنامج تطوير الصناعة الوطنية في الربع الأول من عام 2025. وستشمل هذه الخطة تحديد القطاعات الصناعية ذات الأولوية، وتحديد الأهداف الكمية والنوعية للبرنامج، وتحديد الميزانية المخصصة لتنفيذ البرنامج.

شاركها.