يتواصل الحراك الدبلوماسي بوتيرة متسارعة بهدف التوصل إلى حلّ للأزمة الأوكرانية، حيث تشهد العواصم الأوروبية اجتماعات مكثفة لقادة ومسؤولي الدول المعنية. وتأتي هذه الجهود في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها الإنسانية والاقتصادية على الصعيدين الإقليمي والدولي، مع التركيز على إيجاد صيغة لوقف إطلاق النار وتعزيز مفاوضات السلام. وتشمل المناقشات الحالية سبل دعم أوكرانيا وتقديم التعويضات عن الأضرار الناجمة عن الحرب، بالإضافة إلى التهديدات الأمنية المتزايدة على الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي.
وفي هذا السياق، عقد قادة السويد وإستونيا ولاتفيا وبولندا وبلغاريا ورومانيا وليتوانيا اجتماعاً في العاصمة الفنلندية هلسنكي لمناقشة التهديد الروسي على الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي. بالتزامن مع ذلك، يلتقي مسؤولو المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لاهاي بهدف وضع آلية دولية لتقديم التعويضات لأوكرانيا المتضررة من الحرب.
التهديد الروسي المتصاعد ومفاوضات السلام في أوكرانيا
حذّر رئيس وزراء فنلندا بيتيري أوربو من أن روسيا قد تعيد توجيه قواتها نحو الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في حال التوصل إلى اتفاق سلام. وأضاف أن روسيا ستظل تشكل تهديداً مستمراً، ومن المرجح أن تنقل قواتها بالقرب من حدود فنلندا ودول البلطيق، وفقاً لتصريحات أدلى بها لصحيفة فايننشال تايمز.
يأتي هذا التحذير في أعقاب تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أكد أنه أجرى اتصالات مكثفة وبناءة مع القادة الأوروبيين بشأن وقف الحرب. وأعرب ترامب عن ثقته في دعم الأوروبيين لجهود إنهاء الصراع في أوكرانيا.
مقترحات وقف إطلاق النار والأسلحة بعيدة المدى
من جانبه، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن كييف وواشنطن تدعمان فكرة إعلان وقف لإطلاق النار خلال فترة عيد الميلاد. لكنه أوضح أن تنفيذ هذا المقترح يعتمد بشكل كبير على الإرادة السياسية لدى روسيا.
وفي حال رفض روسيا لجهود السلام، أكد زيلينسكي أن أوكرانيا ستطلب من الولايات المتحدة تزويدها بأسلحة بعيدة المدى. وأشار إلى أن بلاده تسعى إلى تغيير الوضع على طول حدود روسيا لمنع أي محاولة لشن حرب جديدة في المستقبل.
كما شدد زيلينسكي على عدم وجود خطة سلام مثالية حالياً، وأن المسودة الحالية لا تزال قيد التطوير. وأضاف أن الولايات المتحدة تبدي رغبة في تحقيق تقدم سريع نحو السلام، بينما تحتاج أوكرانيا إلى ضمان جودة هذا السلام واستدامته.
وأكد الرئيس الأوكراني أن بلاده تقترب من الحصول على ضمانات أمنية قوية، وأن هناك اتفاقاً على عرض هذه الضمانات للتصويت في الكونغرس الأميركي. وأضاف أن روسيا يجب أن تتحمل مسؤولية أفعالها وتدفع ثمن عدوانها، مشدداً على أن موسكو تسعى إلى الحصول على تنازلات تمنحها فرصة لإعادة إطلاق الحرب في المستقبل.
وتشير التقارير إلى أن المفاوضات المتعلقة بوقف الصراع في أوكرانيا، والتي اختتمت في برلين يوم الاثنين، قد أسفرت عن تقدم ملحوظ في مسار التفاوض. وقد أكدت الدول الأوروبية تمسكها الثابت بدعم أوكرانيا ومساندة الجهود الرامية إلى التوصل إلى سلام عادل ودائم.
في المقابل، أعرب الكرملين عن جهله بما تم الاتفاق عليه في اجتماع برلين بين أوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة. وأكد الكرملين أنه لم يطلع على نص البيان المشترك لقادة الاتحاد الأوروبي بشأن الضمانات الأمنية لكييف، مشيراً إلى أنه يهدف إلى إنهاء الصراع في أوكرانيا وتحقيق أهداف روسيا وضمان السلام في أوروبا.
ومع استمرار التوترات، يبقى مستقبل مفاوضات السلام في أوكرانيا غير واضح. من المتوقع أن تستمر المشاورات الدبلوماسية في الأيام والأسابيع المقبلة، مع التركيز على إيجاد حلول مقبولة لجميع الأطراف. وسيكون من المهم مراقبة رد فعل روسيا على مقترحات وقف إطلاق النار والضمانات الأمنية، بالإضافة إلى التطورات على ساحة المعركة.






