أعرب مسؤولون إسرائيليون كبار عن قلقهم بشأن تزايد البنية التحتية للإرهاب المرتبطة بأطراف خارجية في أستراليا، بما في ذلك الأنشطة التي تستهدف الجاليات اليهودية. تأتي هذه التحذيرات على خلفية مخاوف متزايدة بشأن العمليات التي تقودها إيران، وإمكانية عودة ظهور تنظيم داعش في سوريا، وذلك بعد الهجوم الإرهابي الذي استهدف احتفالاً بـعيد الأنوار في شاطئ بوندي الشهير. وتطالب الجاليات اليهودية بتعزيز الأمن وحماية أماكن العبادة.

تحذيرات إسرائيلية مسبقة بشأن التهديدات الأمنية في أستراليا

وفقًا لمسؤول رفيع في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، فقد قدمت إسرائيل السلطات الأسترالية بتحذيرات ملموسة قبل عدة أشهر حول نشاط إرهابي تقوده إيران داخل أستراليا. وأكد المسؤول أن التحذير لم يكن مرتبطًا بهجوم شاطئ بوندي تحديدًا، بل بالجهود الأوسع لبناء شبكات إرهابية بهدف إلحاق الأذى بالمواطنين اليهود.

وأضاف المسؤول، في تصريح لـ “فوكس نيوز”، أن إسرائيل تمكنت من إحباط عدة هجمات وشيكة. وأشار إلى أن الهدف كان واضحًا وهو استهداف أفراد من المجتمع اليهودي. تأتي هذه التصريحات في أعقاب طرد أستراليا لسفير إيران قبل أشهر بناءً على اتهامات من جهاز الأمن الداخلي الأسترالي بأن إيران كانت توجه أو تسهل هجمات ضد أهداف يهودية في البلاد.

تصعيد التوترات الإيرانية وتداعياتها

في المقابل، نفت طهران هذه الاتهامات وأعلنت عدم تورطها. و بعد الهجوم، نشرت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية إدانة للهجوم، معربة عن رفضها لقتل المدنيين ونفي أي صلة لإيران بالحادث. تواصل السلطات الأسترالية تحقيقاتها في الهجوم ولم تحدد حتى الآن أي دولة أجنبية مسؤولة عنه.

تتفق تقييمات الاستخبارات الإسرائيلية مع تحذيرات مصدر دبلوماسي أجنبي رفيع المستوى، الذي وصف البيئة الأمنية الراهنة بأنها مدفوعة بتأثير “عدوى” عالمي، حيث تقوم الشبكات المتطرفة حول العالم بتضخيم الهجمات والاحتفاء بها وتشجيع الآخرين على تكرارها. وأضاف المصدر أن البيئات الجهادية عبر الإنترنت تلعب دورًا رئيسيًا في تسريع هذه الديناميكية، وتحويل التحريض إلى عمل بسرعة.

التهديدات تتعدى الجاليات اليهودية

وحذر مصدران من أن التهديد لا يقتصر على الأهداف اليهودية، بل يمتد ليشمل الجاليات المسيحية أيضًا، خاصة خلال فترات العطلات التي تتزامن فيها أعياد اليهود والمسيحيين، مما قد يرفع من دوافع المتطرفين. وذكر المسؤول الإسرائيلي الرفيع أن أستراليا ليست حالة معزولة، بل هي جزء من ارتفاع حاد في النشاط الإرهابي المرتبط بإيران يستهدف اليهود على مستوى العالم، وأشار إلى أن التهديدات الإرهابية تم إحباطها أيضاً في أوروبا وأفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية.

وفي سياق متصل، حذر مسؤول إسرائيلي آخر من أن الوضع الأمني تدهور بعد عامين من الحرب في الشرق الأوسط، مما أدى إلى تنشيط الحركات الإسلامية المتطرفة على مستوى العالم. وأردف أن التهديد يأتي بشكل متزايد من أفراد يعملون بمفردهم أو خلايا نائمة، والتي تتطلب موارد أقل وتصعب الكشف عنها، ولكنها لا تزال قادرة على التسبب في خسائر فادحة وإلهام هجمات مماثلة.

مخاوف بشأن سوريا وعودة داعش

عبر المسؤول عن قلقه بشكل خاص بشأن التطورات في سوريا، مشيراً إلى أن عدم الاستقرار هناك قد يسمح لتنظيم داعش بإعادة تجميع صفوفه وظهوره من جديد، مما يخلق موجات جديدة من العنف تتجاوز المنطقة. تزامنت هذه التحذيرات مع هجوم إرهابي وقع مساء الأحد خلال احتفال عام بـعيد الأنوار في شاطئ بوندي، أحد أكثر الشواطئ شهرةً وكثافة سكانية في أستراليا. وأعلنت السلطات الأسترالية أن منفذي الهجوم هما أب وابنه، وفتحت النار على الشاطئ مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 15 شخصًا وإصابة العشرات. وأكدت الشرطة أن الأب قُتل في مكان الحادث، بينما تم نقل الابن إلى المستشفى في حالة حرجة.

صنفّت السلطات الحادث على أنه هجوم إرهابي استهدف المجتمع اليهودي. على الرغم من أن المسؤولين الأستراليين لم يربطوا هجوم شاطئ بوندي بتوجيهات استخباراتية أجنبية، إلا أن الحادث كثف التدقيق في التحذيرات السابقة والزيادة في الحوادث المعادية لليهودية على مستوى البلاد، وما إذا كانت الإجراءات الكافية اتخذت لتعطيل التهديدات الناشئة، وتواجه أستراليا الآن ضغوطًا لتعزيز الأمن ومراجعة الإجراءات المضادة للإرهاب.

في ختام الأمر، تستمر السلطات الأسترالية في التحقيق في الهجوم، ومن المتوقع أن تصدر تقارير مفصلة عن ملابساته ودوافعه في الأيام القليلة القادمة. كما من المتوقع أن يتم تقييم شامل للإجراءات الأمنية القائمة، وتحديد الثغرات المحتملة، واتخاذ خطوات لتعزيز الحماية ضد التهديدات الإرهابية، مع الأخذ في الاعتبار التطورات الإقليمية والدولية التي قد تؤثر على الوضع الأمني في البلاد. يراقب المحللون عن كثب التطورات في سوريا وما إذا كانت ستؤدي إلى إحياء تنظيم داعش وتصعيد خطر الإرهاب.

شاركها.