أعلنت السلطات الأسترالية عن مراجعة شاملة لقوانين حيازة الأسلحة النارية في البلاد، وذلك في أعقاب إطلاق النار الجماعي المروع الذي وقع خلال احتفال عيد الأنوار (Hanukkah) في شاطئ بوندي الشهير بسيدني، والذي أسفر عن مقتل 15 شخصًا وإصابة العشرات. وتأتي هذه الخطوة في ظل صدمة وغضب شعبيين واسعين، وتأكيدًا على ضرورة تعزيز الأمن ومكافحة التطرف. وتعد قضية قوانين الأسلحة في أستراليا محور نقاش وطني متجدد.
وقع الحادث المأساوي يوم الأحد، حيث فتح مسلحان النار على الحشود المتجمعة للاحتفال بعيد الأنوار. وقد تم تحديد الضحايا، الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 87 عامًا، بينما يخضع أحد المهاجمين للعلاج في المستشفى بعد إصابته بطلق ناري من قبل الشرطة، فيما لقي والده مصرعه في مكان الحادث. وتعتبر هذه الحادثة من بين الأسوأ في تاريخ أستراليا الحديث.
مراجعة شاملة لقوانين الأسلحة النارية
أعلن رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز عن سلسلة من الإجراءات المقترحة لتشديد الرقابة على الأسلحة النارية، بما في ذلك الحد من عدد الأسلحة التي يمكن لشخص واحد امتلاكها، وإعادة النظر في عملية إصدار التراخيص، والتحقق من خلفيات حاملي التراخيص بشكل دوري. وتشير الحكومة إلى استعدادها لاتخاذ “أي إجراء ضروري” لضمان سلامة المواطنين.
التشديد على شروط الترخيص
من بين المقترحات، اشتراط الجنسية الأسترالية للحصول على ترخيص سلاح ناري، وتقييد أنواع الأسلحة المتاحة للمدنيين. ويأتي هذا بهدف الحد من انتشار الأسلحة وتقليل خطر وقوع حوادث مماثلة في المستقبل. ويعتبر هذا الإجراء جزءًا من استراتيجية أوسع لمكافحة التطرف والعنف المسلح.
تجدر الإشارة إلى أن أستراليا لديها بالفعل قوانين صارمة للسيطرة على الأسلحة النارية، تم تطبيقها بشكل كبير بعد مذبحة تاسمانيا عام 1996، والتي أودت بحياة 35 شخصًا. ومع ذلك، يرى البعض أن هذه القوانين لا تزال غير كافية، وأن هناك حاجة إلى مزيد من التدابير لتعزيز الأمن. بالإضافة إلى ذلك، هناك جدل حول فعالية البرامج الحالية في منع وصول الأسلحة إلى الأيدي الخطأ.
بطولة أحد المواطنين وتفاصيل الجناة
أظهر مقطع فيديو متداولًا قيام رجل، يُدعى أحمد ال أحمد، بالتصدي لأحد المهاجمين وتجريده سلاحه. وقد أشاد وزير الشؤون الداخلية توني بيرك بشجاعة ال أحمد، الذي أصيب بجروح في الكتف أثناء محاولته التدخل. ويُذكر أن ال أحمد مهاجر سوري انتقل إلى أستراليا عام 2006.
وبحسب التقارير، كان لدى ال أحمد خلفية في قوات الأمن السورية. وقالت والدته في تصريحات لوسائل الإعلام الأسترالية إنه “دائمًا ما يكون شجاعًا ويساعد الناس”. وقد خضع ال أحمد لعملية جراحية ويتعافى حاليًا في المستشفى.
وفي سياق متصل، صنفت السلطات الأسترالية الحادث على أنه “هجوم مستهدف ضد اليهود الأستراليين” في أول أيام عيد الأنوار، مما أثار مخاوف بشأن تصاعد معاداة السامية في البلاد. وتأتي هذه الحادثة بعد تقارير عن تهديدات وتحرشات استهدفت أفرادًا ومؤسسات يهودية في الأسابيع الأخيرة.
ردود الفعل الدولية وتداعيات الحادث
أعربت العديد من الدول والمؤسسات الدولية عن إدانتها الشديدة للهجوم، وعن تعازيها لأسر الضحايا. وقدمت الحكومات الأجنبية دعمها للسلطات الأسترالية في جهودها لتعزيز الأمن ومكافحة التطرف. وتلقى رئيس الوزراء ألبانيز اتصالات هاتفية من قادة عالميين للتعبير عن تضامنهم.
يتوقع أن تستمر التحقيقات في الحادث لتحديد الدوافع الحقيقية وراءه، وتحديد ما إذا كان هناك أي متورطين آخرين. وتركز الشرطة حاليًا على جمع الأدلة وتحليل المعلومات المتعلقة بالجناة وخلفياتهم. كما تُجري الشرطة تحقيقات واسعة النطاق في المجتمع لتقييم أي تهديدات محتملة.
من المرجح أن تؤدي هذه المراجعة لقوانين الأسلحة إلى نقاشات حادة بين مؤيدي ومناهضي القيود الأكثر صرامة. فيما يتعلق بجدول زمني محدد للإصلاحات المقترحة، لم يتم الإعلان عن موعد نهائي بعد، ولكن من المتوقع أن يتم تقديم التشريع إلى البرلمان في أقرب وقت ممكن. سيتطلب تطبيق هذه التغييرات تعاونًا بين الحكومة الفيدرالية والولايات والأقاليم الأسترالية. قوانين الأسلحة في أستراليا، و مكافحة الإرهاب، و الأمن القومي هي المواضيع الرئيسية التي ستشكل محور الاهتمام في الفترة القادمة.






