أطلقت شركة “أوبن إيه آي” نموذجها الجديد للذكاء الاصطناعي “جي بي تي-5.2” يوم الخميس، في محاولة لتعزيز مكانتها الرائدة في هذا المجال التنافسي. يأتي هذا الإطلاق بعد فترة من الاستنفار الداخلي للشركة، استجابةً للتحدي المتزايد الذي تمثله أدوات الذكاء الاصطناعي المنافسة مثل “جيميناي” من جوجل. وتسعى “أوبن إيه آي” من خلال هذا النموذج الجديد إلى الحفاظ على تفوقها في سوق الذكاء الاصطناعي المتنامي.
وقد وجّه سام ألتمان، رئيس “أوبن إيه آي”، رسالة “إنذار أحمر” إلى موظفيه في بداية ديسمبر/كانون الأول، مطالبًا بتسريع الجهود والتركيز على منتجها الرئيسي “تشات جي بي تي”. يهدف هذا التحرك إلى مواجهة المنافسة الشديدة وتحسين أداء “تشات جي بي تي” في مختلف المجالات.
تطويرات “جي بي تي-5.2” وأثرها على سوق الذكاء الاصطناعي
أكدت فيدجي سيمو، مديرة التطبيقات في “أوبن إيه آي”، أن “الإنذار الأحمر” ساهم في زيادة الموارد المخصصة لتطوير “تشات جي بي تي” وتسريع إطلاق “جي بي تي-5.2”. وصفت الشركة النسخة الجديدة بأنها الأكثر فعالية حتى الآن، مع نماذج متنوعة متاحة، بما في ذلك الإصدارات الفورية والاحترافية.
وقد حققت “أوبن إيه آي” تقدمًا ملحوظًا في عدة مجالات رئيسية مع هذا الإصدار، بما في ذلك المنطق، وإنشاء العروض التقديمية، وقراءة الصور، وإدارة سلسلة من المهام والرموز البرمجية. هذه التحسينات تعكس التزام الشركة بتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي لتلبية احتياجات المستخدمين المتزايدة.
تشير الشركة إلى أن عدد الأخطاء الواقعية، أو ما يُعرف بـ “الهلوسات”، في النسخة الجديدة “ثينكينغ” قد انخفض بنسبة 38% مقارنة بالإصدار السابق. هذا التحسن يهدف إلى زيادة موثوقية ودقة المعلومات التي يقدمها النموذج.
المنافسة المحتدمة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي
يأتي إطلاق “جي بي تي-5.2” في ظل منافسة متزايدة من شركات أخرى في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي. فقد أطلقت جوجل في نوفمبر/تشرين الثاني نموذجها “جيميناي 3” وأعلنت عن تجاوز عدد مستخدمي أدواتها المساعدة القائمة على الذكاء الاصطناعي 650 مليون مستخدم شهريًا.
في المقابل، تؤكد “أوبن إيه آي” أن “تشات جي بي تي” يضم 800 مليون مستخدم أسبوعيًا. على الرغم من هذا العدد الكبير من المستخدمين، لا تزال “أوبن إيه آي” تتكبد خسائر مالية شهرية، ولا تتوقع تحقيق أرباح قبل عام 2029.
ومع ذلك، أعرب سام ألتمان عن ثقته في قدرة الشركة على زيادة الإيرادات لمواكبة التطورات في القدرات الحاسوبية. وقد التزمت “أوبن إيه آي” باستثمارات ضخمة بقيمة 1.4 تريليون دولار على مدى 8 سنوات لتعزيز قدراتها في مجال الحوسبة.
تحديات الاستثمار والنمو المستقبلي
تثير هذه الاستثمارات الضخمة تساؤلات حول مدى قدرة “أوبن إيه آي” على تحقيق عائد استثماري مناسب. من المتوقع أن تصل إيرادات الشركة السنوية إلى 20 مليار دولار على الأقل بحلول نهاية عام 2025، مع توقعات بزيادة كبيرة لتصل إلى مئات المليارات بحلول عام 2030. لكن تحقيق هذه التوقعات يتطلب نموًا سريعًا في الإيرادات.
أشار ألتمان إلى أن الشركة بدأت بالفعل في فرض رسوم على المستخدمين مقابل توليد مقاطع فيديو باستخدام أداة “سورا”، وأن المستخدمين أبدوا استعدادًا للدفع مقابل الحصول على مقاطع فيديو عالية الجودة. هذا يشير إلى إمكانية تحقيق إيرادات إضافية من خلال تقديم خدمات متميزة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التطورات في مجال التعلم الآلي والقدرات الحاسوبية ستلعب دورًا حاسمًا في تحديد مستقبل “أوبن إيه آي” ومنافسيها. من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة المزيد من الابتكارات والتطورات في هذا المجال، مما سيؤدي إلى تغييرات كبيرة في سوق الذكاء الاصطناعي.
في الختام، يمثل إطلاق “جي بي تي-5.2” خطوة مهمة لشركة “أوبن إيه آي” في سعيها للحفاظ على ريادتها في سوق الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، لا تزال الشركة تواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك المنافسة الشديدة والحاجة إلى تحقيق أرباح مستدامة. سيكون من المهم مراقبة أداء “أوبن إيه آي” في الأشهر والسنوات القادمة، وتقييم قدرتها على التكيف مع التغيرات في هذا المجال الديناميكي.






