أعلنت تايلند وكمبوديا عن تجدد الاشتباكات الحدودية، مما أدى إلى مقتل أربعة جنود تايلانديين، وذلك على الرغم من الجهود الدبلوماسية الأخيرة التي توسط فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وتأتي هذه التطورات في سياق نزاع طويل الأمد حول منطقة متنازع عليها على الحدود بين البلدين، مما يثير مخاوف بشأن استقرار المنطقة. الاشتباكات الحدودية بين البلدين تتصاعد مجدداً بعد فترة من الهدوء النسبي.

وذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع التايلندية، سوراسانت كونغسيري، في مؤتمر صحفي أن الاشتباكات وقعت في منطقة تشونغ آن ما، وأن عدد القتلى من الجنود التايلانديين ارتفع إلى 14 منذ بدء القتال يوم الاثنين الماضي. وأضاف أن القوات الجوية التايلندية نفذت “ضربات انتقامية” على أهداف داخل الأراضي الكمبودية، مؤكدة تدمير جسرين يُزعم أنهما يُستخدمان لنقل الأسلحة.

الوضع على الأرض وتصعيد النزاع

أفادت وكالة رويترز بأن رئيس الوزراء التايلندي أنوتين تشارنفيراكول أكد أن بلاده ستواصل العمليات العسكرية حتى “تشعر بعدم وجود أي خطر إضافي”. وتأتي هذه التصريحات في أعقاب اتهامات متبادلة بين البلدين، حيث اتهم الجيش التايلندي كمبوديا بانتهاك القواعد الدولية من خلال استهداف المواقع المدنية وزرع الألغام الأرضية.

وفي المقابل، اتهمت كمبوديا تايلند بمواصلة قصف أراضيها، معلنة تعليق العمل في جميع المعابر الحدودية حتى إشعار آخر. وذكرت وزارة الدفاع الكمبودية أن القوات التايلندية استخدمت طائرات مقاتلة من طراز إف-16 لشن هجمات على أهداف داخل الأراضي الكمبودية.

ردود الفعل الدبلوماسية والجهود المبذولة

أجرى رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت اتصالات هاتفية مع الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، بحث خلالها سبل وقف إطلاق النار مع تايلند. وأكد مانيت على ضرورة التحقق من الجهة التي بدأت بإطلاق النار في النزاع، معرباً عن التزام بلاده بالسعي إلى حل سلمي يتوافق مع اتفاق سابق تم التوصل إليه في كوالالمبور.

يأتي هذا التصعيد بعد إعلان الرئيس ترامب، عقب اتصالات مع قادة البلدين، عن اتفاقهما على “وقف جميع عمليات إطلاق النار” اعتبارًا من يوم الجمعة. ومع ذلك، لم يؤكد أي من الجانبين هذا الاتفاق بشكل صريح، وأشار تشارنفيراكول إلى عدم وجود وقف لإطلاق النار فعلي.

تاريخ النزاع والاتفاقيات السابقة

يعود النزاع الحدودي بين تايلند وكمبوديا إلى عقود، وتتركز الخلافات حول منطقة معبد براس أت، وهو موقع أثري يقع على الحدود بين البلدين. وقد تصاعدت التوترات في الماضي، مما أدى إلى اشتباكات مسلحة متفرقة.

في أكتوبر الماضي، تم التوصل إلى اتفاق بين البلدين بوساطة ماليزية، يتضمن آلية لسحب القوات والأسلحة الثقيلة والإفراج عن الأسرى. لكن تايلند علقت هذا الاتفاق الشهر الماضي بعد إصابة جندي تايلاندي بجروح خطيرة نتيجة لغم أرضي، وهو ما تنفيه كمبوديا.

تأثير الألغام الأرضية على الوضع

تعتبر مسألة الألغام الأرضية نقطة خلاف رئيسية بين تايلند وكمبوديا. وتتهم بانكوك كمبوديا بزرع ألغام جديدة، بينما تنفي كمبوديا هذه الادعاءات وتتهم تايلند بالقيام بذلك. وقد أدت هذه الاتهامات إلى تعقيد الجهود المبذولة لتهدئة التوترات.

من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية في الأيام المقبلة، مع التركيز على تحقيق وقف دائم لإطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات. ومع ذلك، يبقى الوضع هشًا وغير مؤكد، ويتوقف على مدى التزام الطرفين بالحل السلمي وتجنب المزيد من التصعيد. يجب مراقبة تطورات الوضع عن كثب، خاصة فيما يتعلق بتبادل الاتهامات وتأثير الألغام الأرضية على استقرار المنطقة. كما أن دور الوساطة الماليزية والأمريكية سيكون حاسماً في التوصل إلى حل دائم للخلافات الحدودية.

شاركها.