رفضت المفوضية الأوروبية، اليوم الجمعة، الدعوى القضائية التي أقامها البنك المركزي الروسي ضد شركة يوروكلير، وهي مؤسسة إيداع أوراق مالية مركزية مقرها بروكسل وتحتفظ بأصول روسية مجمدة بقيمة 185 مليار يورو، واصفةً إياها بـ “التكهنات” و”غير المؤسسة”. وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تواصل فيه الاتحاد الأوروبي وضع اللمسات الأخيرة على خطة لتوجيه الأصول السيادية الروسية كقرض لتمويل إعادة إعمار أوكرانيا.

أعلن البنك المركزي الروسي في وقت سابق عن بدء الإجراءات القانونية “لاسترداد الأضرار” واتهم يوروكلير بمنع الإفراج عن الأصول، والتي تخضع للقانون الأوروبي. وقد تم تقديم الدعوى إلى المحكمة التحكيمية في موسكو. ويأتي هذا التطور قبل أيام قليلة من اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي المقرر في 18 ديسمبر لاتخاذ قرار نهائي بشأن هذه الخطة المثيرة للجدل.

خطة الاتحاد الأوروبي وتحدياتها القانونية: الأصول السيادية الروسية

أكد فالديس دومبروفسكيس، المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، أن اقتراح الاتحاد الأوروبي “متين قانونيًا ومتوافق تمامًا مع القانون الأوروبي والدولي”. وأوضح أن الأصول ليست مصادرة وأن مبدأ الحصانة السيادية محترم. ويتوقع الاتحاد الأوروبي أن يواصل البنك المركزي الروسي إطلاق إجراءات قانونية بهدف منع الاتحاد الأوروبي من تطبيق القانون الدولي وإلزام روسيا بتعويض أوكرانيا عن الأضرار التي تسببت بها.

ووفقًا لدومبروفسكيس، فإن جميع المؤسسات الأوروبية التي تحتفظ بأصول روسية، بدءًا من يوروكلير وصولًا إلى البنوك الخاصة، ستكون “محمية بالكامل” من أي انتقام محتمل من موسكو. ويذكر أن الاتحاد الأوروبي يسيطر على حوالي 210 مليار يورو من أصول البنك المركزي الروسي منذ فبراير 2022. ويسمح نظام العقوبات الحالي ليوروكلير “بمواجهة” أي خسائر محتملة.

على سبيل المثال، إذا أصدرت محكمة روسية أمرًا بمصادرة 17 مليار يورو تحتفظ بها يوروكلير في روسيا، فسيُسمح ليوروكلير بتعويض هذه الخسارة من خلال الاستفادة من 30 مليار يورو تحتفظ بها المؤسسة الروسية المقابلة، وهي شركة الإيداع الوطني، داخل الاتحاد الأوروبي. بالإضافة إلى ذلك، سيقدم القرض المخصص لإعادة الإعمار آلية جديدة للتعامل مع النزاعات بين الدول.

موقف بلجيكا المعارض

تهدف الضمانات القانونية إلى تهدئة مخاوف بلجيكا، التي لا تزال المعارض الرئيسي لخطة القرض. وقد حذر رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي فيفر مرارًا وتكرارًا من المخاطر التي قد تشكلها الطعون القانونية الناجحة. وأكد متحدث باسم المفوضية أن الاقتراح المقدم “قوي قانونيًا ومحصن ضد الطعون”.

يوروكلير، التي رفضت الإدلاء بتعليق، انتقدت سابقًا خطة القرض واعتبرتها “هشة للغاية” ومحفوفة بالمخاطر قانونيًا وتجريبية بشكل مفرط. وتشير بعض التقارير إلى أن الشركة قلقة بشأن التعرض لرد فعل قانوني من روسيا.

تأتي هذه الدعوى القضائية بعد يوم واحد من اتفاق دول الاتحاد الأوروبي على تفعيل بند الطوارئ لتجميد الأصول الروسية لمدة غير محددة. وبموجب القانون الجديد، لن يتم الإفراج عن مبلغ الـ 210 مليار يورو إلا عندما تتوقف أفعال روسيا “بشكل موضوعي عن تشكيل مخاطر كبيرة” على الاقتصاد الأوروبي، وأن تدفع موسكو تعويضات لكييف “دون عواقب اقتصادية ومالية” على الكتلة – وهو شرط مرتفع من غير المرجح أن يتحقق في أي وقت قريب، إن وجد.

يهدف التجميد غير المحدد إلى طمأنة بلجيكا ويوروكلير بشكل أكبر لتسهيل الموافقة على القرض الأسبوع المقبل. وفي بيان منفصل، قال البنك المركزي الروسي إنه “يحتفظ بالحق، دون إشعار مسبق، في اتخاذ جميع السبل والضمانات المتاحة إذا تم تأييد أو تنفيذ المبادرات المقترحة من قبل الاتحاد الأوروبي”. ويعتبر هذا البيان بمثابة تحذير واضح من أن روسيا قد تتخذ إجراءات انتقامية إذا تم المضي قدمًا في خطة القرض.

تعتبر قضية الأصول الروسية المجمدة معقدة للغاية، وتتضمن اعتبارات قانونية وسياسية واقتصادية متعددة. وتشكل هذه القضية اختبارًا حقيقيًا للوحدة الأوروبية وقدرتها على الاستجابة للتحديات التي تفرضها الحرب في أوكرانيا.

من المتوقع أن يناقش قادة الاتحاد الأوروبي هذه المسألة بشكل مفصل في اجتماعهم المقبل في 18 ديسمبر، وقد يصدرون قرارًا نهائيًا بشأن خطة القرض. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من عدم اليقين، حيث قد تعارض بلجيكا بشدة الموافقة على الخطة. كما أن رد فعل روسيا على أي قرار يتم اتخاذه سيكون أمرًا بالغ الأهمية، حيث قد يؤدي إلى تصعيد التوترات وتداعيات اقتصادية غير متوقعة.

شاركها.