أثارت تصريحات وتصرفات حديثة من قبل مسؤولين سوريين، بما في ذلك ترديد شعارات عدوانية تجاه إسرائيل خلال استعراض عسكري في دمشق، مخاوف متزايدة بشأن استقرار المنطقة واحتمالية تصعيد الصراع. جاء هذا التطور بالتزامن مع جهود دبلوماسية أمريكية تهدف إلى التوصل إلى اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل، وهو ما يثير تساؤلات حول مستقبل هذه المساعي في ظل التوترات الحالية.

تصعيد الخطاب وتوقعات قاتمة بشأن مستقبل العلاقات مع إسرائيل

نشر أميخاي تشيكلي، وزير شؤون الجاليات الإسرائيلية، على منصة X (تويتر سابقًا) تعليقًا حادًا بعد مشاهدته لمقطع فيديو يظهر جنودًا سوريين يرددون شعارات تحريضية ضد إسرائيل خلال الاستعراض العسكري. وكتب تشيكلي: “الحرب أمر لا مفر منه”. ويظهر في الفيديو الجنود وهم يصدحون بشعارات مثل “غزة، غزة، صيحتنا، النصر والثبات، ليلًا ونهارًا. ننهض ضدك يا عدو، ننهض. من جبال النار نصنع طريقنا. من دمي أصنع ذخيرتي، ومن دمك ستجري الأنهار”.

وفقًا لتقارير إخبارية، فإن هذه الشعارات تعكس تصاعدًا في الخطاب المعادي لإسرائيل داخل بعض الأوساط السورية. وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه المنطقة بالفعل حالة من عدم الاستقرار بسبب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر.

الجهود الدبلوماسية الأمريكية والتوترات الإقليمية

على الرغم من هذه التوترات، تواصل الولايات المتحدة جهودها الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل. وقد زار الرئيس السوري بشار الأسد واشنطن الشهر الماضي والتقى بالرئيس السابق دونالد ترامب، في إطار هذه المساعي. يهدف الاتفاق المقترح إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة وتقليل خطر التصعيد العسكري.

ومع ذلك، يواجه هذا الجهد تحديات كبيرة. فقد صرح توم باراك، السفير الأمريكي السابق في تركيا والمبعوث الخاص لسوريا، بأن دمشق ليست مهتمة بالعدوان تجاه إسرائيل، لكنه أشار أيضًا إلى أن إسرائيل لا تثق بأحد بعد أحداث 7 أكتوبر. واقترح باراك أن تلعب الولايات المتحدة دور قوة حفظ سلام لتعويض هذا النقص في الثقة.

يرى باراك أن سوريا تمثل “الخيار الأسهل” في الوضع الأمني المعقد في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن سوريا ليس لديها بديل عن السعي لتحقيق الاستقرار. كما أضاف أن إسرائيل ليس لديها بديل أيضًا إذا أرادت تجنب مواجهة عسكرية مستمرة على جميع حدودها. ويعتقد البعض أن اتفاقيات أبراهام، التي طبعت العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، يمكن أن تمتد لتشمل سوريا.

مخاوف بشأن الجماعات المسلحة والوضع في جنوب سوريا

تثير تقارير عن وجود جماعات مسلحة في جنوب سوريا، بما في ذلك خلايا تابعة لحزب الله وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، قلقًا إضافيًا. وتتهم إسرائيل هذه الجماعات بالسعي لتقويض الاستقرار في المنطقة وتنفيذ هجمات ضدها. وقد نفذت القوات الإسرائيلية عمليات عسكرية متكررة في القرى والبلدات داخل وخارج المنطقة الحدودية، بهدف استهداف هذه الجماعات.

في الشهر الماضي، قُتل ما لا يقل عن 13 شخصًا في عملية إسرائيلية ضد مشتبه بهم إرهابيين في جنوب سوريا. وتدعي إسرائيل أنها استولت على منطقة عازلة جنوبية واسعة في سوريا كإجراء احترازي لمنع تسلل المسلحين بعد انهيار نظام الأسد.

تصريحات الرئيس الأسد وتوضيحات حول تعريف الإرهاب

خلال مشاركته في منتدى الدوحة في قطر، علق الرئيس الأسد على الاتهامات السابقة المتعلقة بتورطه في أنشطة مرتبطة بتنظيم القاعدة. وأشار إلى أن وصفه بالإرهابي هو “تسييس” للأمر، مستنكرًا في الوقت نفسه الحروب التي شهدتها أفغانستان والعراق.

وأوضح الأسد أن تحديد مفهوم “الإرهاب” يجب أن يستند إلى أدلة قاطعة، معتبرًا أن “الإرهابي الحقيقي هو من يقتل الأبرياء، الأطفال والنساء، ويستخدم وسائل غير مشروعة للإضرار بالناس”. وأضاف أنه قاتل “بشرف”.

مستقبل المفاوضات والوضع الأمني في المنطقة

تشير التطورات الأخيرة إلى أن الوضع الأمني في سوريا يظل معقدًا للغاية. تجري حاليًا مفاوضات مكثفة بوساطة أمريكية بين إسرائيل وسوريا للتوصل إلى اتفاق أمني رسمي، لكن هذه المفاوضات تواجه معارضة من إيران وحلفائها الذين يسعون إلى منع أي اتفاق بين الطرفين.

من المتوقع أن تستمر الولايات المتحدة في جهودها الدبلوماسية لتهدئة التوترات وتسهيل التوصل إلى حل. ومع ذلك، فإن مستقبل هذه المساعي يبقى غير مؤكد، ويتوقف على تطورات الوضع الإقليمي وقدرة الأطراف المعنية على التغلب على الخلافات العميقة. يجب مراقبة تحركات الجماعات المسلحة في جنوب سوريا عن كثب، بالإضافة إلى ردود الفعل الإسرائيلية على التصريحات والإجراءات السورية الأخيرة.

شاركها.